موكب السيدة رقية (عليها السلام)
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


موكب السيدة رقية (عليها السلام)
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 نبذة عن الامام موسى الكاظم (عليه السلام)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سيف الكربلائي
Admin
سيف الكربلائي


المساهمات : 244
تاريخ التسجيل : 09/11/2011

نبذة عن الامام  موسى الكاظم (عليه السلام) Empty
مُساهمةموضوع: نبذة عن الامام موسى الكاظم (عليه السلام)   نبذة عن الامام  موسى الكاظم (عليه السلام) Icon_minitime1الأحد نوفمبر 20, 2011 7:00 pm

بسم الله الرحمىن الرحيم
اللهم صلي على محمد وال محمد
السّلام على المُعجزةِ المحمّديّة والجوهرةِ العُلويّةِ والياقوتِةِ الفاطميّة والينابيعِ الحسنيّة ، والدُّرةِ الحُسينية ، مُفجِّر العلومِ الباقريَّة ، والناهضِ بالثورةِ الجعْفريّة وحاملِ أسرارَ الكاظِميّة والفيوضاتِ الرّضويّة والكراماتِ العسكريّة وحاملِ الرايّاتِ المهدويّة.
قصص من حياته(ع)



الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)




الاسم: الإمام موسى الكاظم (ع)

اسم الأب: الإمام الصادق (ع)

اسم الأم: حميدة

تاريخ الولادة: 7 صفر سنة 128 للهجرة.

محل الولادة: الأبواء (بين مكة والمدينة)

تاريخ الاستشهاد: 25 رجب سنة 183 للهجرة.

محل الاستشهاد: الكاظميّة.

محل الدفن: الكاظميّة.


عصر الباقر والصادق عليهما السلام

باسمه تعالى

واكبت حياة الإمام الباقر عليه السلام فترة يقظة عند الأمة الإسلامية، يرافقها ضعف وانحسار في قدرات بني أمية. وكانت كل بضع سنوات تنكشف عن قيام جماعة ثائرة في وجه حكام بني أمية، يفضحون ظلمهم وجورهم ويعيدون إلى الذاكرة ما قاساه السجناء العلويون، ويدعون الناس للقيام والثأر لشهداء كربلاء وغيرهم.

في هذه الفترة، وقد أدرك الأمويون استفحال خطر الثورة والعصيان على حكمهم، اضطروا للتخفيف من عدواتهم لأهل بيت الرسول، وتجنب قتلهم وتعذيبهم وسجنهم علناً.

في هذه الظروف كان الإمام الباقر عليه السلام يقيم مجالس الدرس في المدينة وعلى أطرافها، وكانت دروسه تشمل كافة العلوم الإسلامية من عقائد وأحكام وتفسير للقرآن الكريم وشرح للسنة الشريفة.

بعد وفاة الإمام الباقر (ع) اشتدت الثورات المناهضة لحكم بني أمية، واتسعت رقعتها، وصار الناس أكثر ميلاً لأهل بيت الرسول (ص).

سار الإمام الصادق عليه السلام على درب أبيه، فتابع رعاية مدرسةٍ كبيرةٍ كانت تضم الكثيرين من الطلاب وتعرف بـ «جامعة أهل البيت». وتقاطر الناس من جميع الأقطار الإسلامية نحو المدينة، كي يسمعوا ويتعلّموا أحكام الدين الحنيف وغيرها من العلوم، من صادق آل محمدٍ عليه السلام، خاصة وأنّ تدوين الأحاديث كان ممنوعاً منذ ما قبل عشر سنواتٍ من عهده عليه السلام، وتقلب على دروس الإمام في بحر ثلاثين عاما ما ينوف على أربعة آلاف باحثٍ ومتعلم، ومن بينهم كثيرون من زعماء الحركات وقادة الجماعات والأحزاب. كما عرفت مجالسه المخالف والموافق والعدو والصديق من كل الفرق، دون أن يستطيع بنو أمية الوقوف في وجه هذا الإقبال العارم على دروسه عليه السلام.

وفي سنة 132 للهجرة سقط الحكم الأموي، وتسلّم السلطة بنو العباس في شخص أبي العباس السفّاح، وخلفه من بعده أخوه أبوجعفر المنصور.

كان المنصور من حضور درس الإمام، ولطالما استمع إلى أقواله ومواعظه، وكان - لذلك - على معرفة تامة بطريقه وطريقته. وقبل وصولهم إلى الحكم، كان السفاح وأخوه، ويعقوب بن داود، وأبو مسلم الخراساني، وأبو سلمة الخلال من كبار ذلك العصر، ومن أشدّ الناس عداءً للأمويين، وكانوا يتظاهرون بالحزن على السجناء العلويين المظلومين، والغضب للدماء التي أريقت في كربلاء، لكنهم بعد ظفرهم، صاروا يكشفون شيئاً فشيئاً عن خبيئة نفوسهم، وحقيقة مطامعهم، وجهروا بالعداء لأهل بيت الرسول. وما لبثوا أن ملأوا منهم السجون، ووضعوا في رقابهم السيوف.

في ذلك العهد، كان اسم الإمام جعفر الصادق (ع) يزداد شهرةً على شهرته في كافّة أنحاء العالم الإسلامي، وكان المنصور - كما قلنا - على معرفةٍ تامةٍ بمدى نفوذ الإمام، كما كان يدرك سموه وفضله وعلمه، وقد عاين بنفسه إقبال الناس على دروسه، فصمم على تعطيل هذه الدروس بأي ثمن، وأخفى نواياه في بداية الأمر، لكنّه لم يلبث أن جهر بها، وتشدد في ملاحقة أنصار الإمام ومريديه. وكان قد عيّن رجلاً سفّاكاً والياً على المدينة هو محمد بن سليمان، وكلفه بمراقبة الإمام والتضييق عليه. لكنه كان يحصد الفشل إثر الفشل.



الوصية العجيبةفي سنة 148 للهجرة توفي الإمام الصادق عليه السلام مسموماً، ولما بلغ النبأ المنصور أرسل إلى واليه على المدينة يأمره بالتنقيب عن وصية الإمام ليعرف الوصي الذي عيّنه من بعده. وأمره أن يقبض على هذا الوصي ويضرب عنقه فوراً.

قام الوالي بتفتيش بيت الإمام، فعثر على الوصية وقرأها، وكان مضمونها أنّ الإمام يوصي من بعده لخمسة أشخاص هم: المنصور نفسه، والوالي محمد بن سليمان، وولداه موسى الكاظم وعبد الله الأفطح، وزوجته حميدة.

حار الوالي في أمره، وأرسل للمنصور يعلمه بمضمون الوصية ويطلب تعليماته. لكنّ المنصور كان أكثر منه حيرةً وذهولاً، بعد ما رآه من ذكاء الإمام وسعة إدراكه، وعرف أنّه عليه السلام قد حسب لكل شيءٍ حسابه، وقال آسفاً: ليس إلى قتل هؤلاء من سبيلٍ.



الإمام الكاظم (عليه السلام)

تسلم الإمام موسى الكاظم (ع) الإمامة، في حين كان العامة من الناس يعرفون المنصور قائداً للمسلمين وخليفةً لرسول الله (ص)، وكان جواسيس المنصور منتشرين في كلّ مكان، يحصون على الناس أنفاسهم كي يتوصّلوا إلى معرفة اسم الإمام، وكانوا يمسكون بأي شخصٍ يثير شكوكهم، ويسومونه شتّى أنواع العذاب.

وضع المنصور بعد وفاة الإمام الصادق (ع) خططاً كثيرةً لإطفاء شعلة التشيع، فأوجد فرقاً كثيرة مختلفة. وقام بشراء مجموعة من الفقهاء، وعّاظ السلاطين في ذلك الوقت، وطلب إليهم - بعد أن أغرقهم بالأموال - أن ينشئوا مدارس تواجه مدرسة الإمام الصادق (ع)، وتميل بالناس عن التوجه نحو أهل البيت، وهيّأ لهم كافة الوسائل، وصار أعوانه يحثّون الناس على التوجه نحو مدارسهم. وكان عهده من أكثر العهود ظلاماً ومرارةً في التّاريخ الإسلاميّ، فقد بلغ ما أوجده من الفرق المختلفة عدداً يربو على مئة فرقة.

كان الإمام الكاظم عليه السلام، قد عاش مع أبيه عشرين عاماً، وكان على دراية تامّة بممارسات المنصور المعادية لأهل البيت عليهم السلام. وكان اسمه في ذلك الوقت ما يزال مكتوماً ومجهولاً، إلاّ عند بعض الخاصّة، وكانوا قلةً لا يجرؤون على التحدّث بشأنه جهراً، خوفاً من جواسيس المنصور، وكانوا يلقون شتى المصاعب في نقل تعليماته وتوجيهاته إلى أنصاره، أولئك الأنصار الذين باتوا حيارى لا يدرون لمن يرجعون في أمور دينهم، وأحد هؤلاء هو «هشام بن سالم» وسنعرف من قصّته التي سيرويها بنفسه مبلغ الحيرة التي كانت تلف أنصار الإمام عليه السلام.



قصة هشام بن سالم

قال هشام: «كنا في المدينة بعد وفاة أبي عبد الله (جعفر الصادق ع) أنا ومحمد بن النعمان صاحب الطاق، والناس مجتمعون على عبد لله (الأفطح) بن جعفر على أنّه صاحب الأمر بعد أبيه، فدخلنا عليه وسألناه عن الزّكاة، فعجز عن إجابتنا، وتبيّن لنا أنّه بعيد عن العلم والمعرفة، وما هكذا يكون الإمام، وخرجنا من منزله لا ندري إلى أين نتوجّه، وإلى من نقصد. فبينما نحن كذلك، وإذ برجل شيخ لا أعرفه يومئ إليّ بيده، فخفت أن يكون عيناً من عيون المنصور، وقد كان له بالمدينة جواسيس يتحرّون له من يجتمع عليه الناس بعد جعفر بن محمد عليه السلام، ليأخذه ويضرب عنقه، فخفت أن يكون منهم، وقلت لصاحبي: تنحّ، فإنّي خائف على نفسي وعليك، وهو لا يريد سواي، فتنحّى عني بعيداً، وتبعت الشيخ، لظنّي بأنّي لا أقدر على التخلّص منه، فما زلت أسير معه، وفي ظنّي أنّي أسير إلى الموت، حتى ورد على باب أبي الحسن موسى عليه السلام، ثم تركني ومضى.

فإذا خادم بالباب، فقال لي: ادخل رحمك الله، فدخلت، فإذا أبوالحسن عليه السلام. فقلت له: جعلت فداك، مضى أبوك، قال: نعم. قلت: فمن لنا بعده؟ قال: هداك الله إلى ما تريد. قلت: جعلت فداك، إنّ عبد الله أخاك يزعم أنّه الإمام بعد أبيه، فقال: إنّ أخي عبد الله يريد أن لا يعبد الله. قلت: جعلت فداك، فمن بعد أبيك. فقال: إن شاء الله أن يهديك هداك. قلت: فأنت هو؟ قال: لا أقول ذلك

فقلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة. قلت له: عليك إمام؟ قال: لا.

فدخلني منه شيء لا يعلمه إلاّ الله إعظاماً وهيبةً. ثم قلت له: جعلت فداك، أسألك كما كنت أسأل أباك؟ قال: تخيّر ولا تذع، فإن أذعت فهو الذّبح فسألته، فإذا هو بحر (لكثرة علمه ومعارفه)، ثم قلت له: إنّ أصحابك ضلال (أي تائهون لا يدرون من إمامهم) فأدعوهم إليك؟ قال: من أنست منه رشداً (أي عرفت أنّه رشيد عاقل) فخذ عليه الكتمان، فإن أذاع فهو الذبح، وأشار بيده إلى حلقه.

ولما خرجت من عنده، لقيت صاحب الطّاق، فقال لي: ما وراءك؟ قلت: الهدى. وحدّثته بما جرى».

وأخذ أمر الإمام (ع) ينتشر، حتى اهتدى إليه أكثر أصحاب أبيه، ورجعوا إليه في مشاكلهم وأمور دينهم، بالرّغم من الرقابة الشديدة التي وضعها المنصور، لذلك فلم يكن هناك حديث عن مجالس الدرس والحديث وغيرهما من العلوم في أيّام المنصور، واقتصر الأمر على عدد قليل من أنصار الإمام، يحضرون إليه تحت أعذار مختلفة، حيث يأخذون عنه المعارف والعلوم الإسلامية، ويكتبونها، ثمّ يقومون بنقلها إلى الناس، في حذرٍ واحتياطٍ شديدين.

كان أنصار الإمام يكتبون أحاديثه ورواياته بأسماء مختلفةٍ، وكانوا يشيرون إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام باسم «الرجل الصالح» أو «العالم» أو «ذاك الرجل». وكي لا يقعوا في أي إشكال، كانوا يكتبون أيضاً آراء فقهاء القصر، ويردفون آراء الإمام فيما بينها، كي لا يتمّ التعرف إليهم وإنزال الأذية بهم.



أصحاب الإمام الكاظم (عليه السلام)

في هذه الظروف والمصاعب، كانت تعاليم الإمام عليه السلام تنتشر على أيدي أصحابه الأوفياء وتميّز ممّن نقلوا هذه التعاليم ثلاثمئة شخص كانوا أصحاب كتب ورسائل ومخطوطاتٍ، استطاعوا أن ينقلوا كتاباتهم إلى الأجيال القادمة، ومن بين هؤلاء، ستة عرفوا بالصدق والأمانة، وأجمع الرواة على تصديقهم وقبول رواياتهم عن الإمام، وهؤلاء الستة هم:

يونس بن عبد الرحمن، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن عمير، وعبد الله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، وأحمد بن محمدٍ. وكانت أقوالهم مقبولة موثوقة، ويعدّون من أقرب أصحاب الإمام إليه.

أمضى هؤلاء الستة حياتهم في التصدي لطواغيت زمانهم، وعملوا على نقل الأحاديث والعلوم القرآنية والإسلامية الصحيحة إلى الأجيال بعدهم.

كان يونس بن عبد الرحمن عالماً ورعاً، يعتبره الناس سلمان عصره (تشبيهاً له بسلمان الفارسي)، قضى حياته في تأليف الكتب وتدوين الأحاديث، وكان من المقرّبين إلى الإمام، الأمر الذي جعله دوماً عرضةً للملاحقة من قبل جواسيس السلطة.

أمّا محمد بن عمير فكان من كبار أهل زمانه، وقد كتب عن الإمام رواياتٍ وأحاديث كثيرة، وكان أيضاً من المقرّبين إلى الإمام، ولمّا اشتدت ملاحقة أعوان الرّشيد له، أخفى ما كتبه تحت التراب. وقد ألقي به أخيراً في السجن، وذاق شتى صنوف العذاب، لكنّه صمد ولم يفش اسم أحدٍ من أصحاب الإمام. وبعد أن أطلق سراحه. ذهب في طلب كتبه، فإذا بها قد اهترأت بكاملها.

توفّي الإمام في ذلك الوقت، فسارع ابن عمير إلى تدوين كل ما استطاع تذكّره من روايات وأقوال الإمام (ع)، وقد تقبل العلماء كتاباته على أنّها روايات صحيحة، وعملوا بها.

وهذه اللّمحة الموجزة عن رجلين فاضلين من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام.تعطينا صورة عما كانوا يقاسونه في سبيل الإسلام، وفي سبيل حفظ تعاليمه نقيّةً صحيحةً، بعيدةً عن تحريف الحكّام والفرق الدينية المنحرفة.



قصة صفوان بن مهران

يجدر هنا أن نذكر قصة شخصيةٍ أخرى من أصحاب الإمام الكاظم (ع)، وصاحب هذه الشخصية رجل يدعى «صفوان بن مهران» ويعرف بالجمال (وهو غير صفوان بن يحيى الذي تقدّمت الإشارة إليه). كان صفوان رجلاً ثرياً يمتلك الكثير من الإبل، التي كان أصحاب القوافل يستخدمونها في التنقل بين بغداد ومكة، وغيرهما، كما كان هارون الرشيد يستأجر جماله لهذا الغرض.

دخل صفوان على الإمام الكاظم يوماً فقال له:

يا صفوان، كل شيءٍ منك حسن جميل، ما خلا شيئاً واحداً.

قال صفوان متعجّباً: جعلت فداك، أي شيءٍ هو؟

قال الإمام : إكراؤك جمالك من هذا الرجل. (يعني هارون الرشيد).

قال صفوان: والله ما أكريته لصيدٍ أو لهوٍ، ولكني أكريته لهذا الطريق (يعني طريق مكة). ولا أتولاّه بنفسي، ولكن أبعث معه غلماني.

قال الإمام: يا صفوان، أيقع كراك عليهم؟ (أي هل تتقاضى أجرة جمالك من هارون وجماعته؟).

قال صفوان: نعم، جعلت فداك.

قال الإمام: أتحبّ بقاءهم حتّى يخرج كراك؟ (أي أتحبّ بقاء هارون الرشيد حتى لا تضيع عليك أجرة إبلك؟).

قال صفوان: نعم.

قال الإمام: فمن أحبّ بقاءهم فهو منهم، ومن كان منهم فقد ورد النار.

فقام صفوان من عنده، وباع جماله من ساعته. فبلغ ذلك هارون الرشيد، فغضب غضباً عظيماً. لكنّه أخفى غضبه، واكتفى بلوم صفوان، نظراً لما لصفوان من مكانةٍ واحترامٍ بين الناس.



الإمام الكاظم (عليه السلام) وحكّام عصره

نعود الآن لنعرض ما جرى للإمام عليه السلام مع حكّام عصره من العباسيين؛ أمثال المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد.

طوى عليه السلام عشر سنواتٍ من إمامته في عهد المنصور، وكانت من أقصى أيام حياته، وأشدّ أيّام الإسلام ظلاماً وشدّةً، فقد كان المنصور يلقي القبض على أصحاب الإمام مجموعةً بعد أخرى، ثم يقضي عليهم بعد أن يسومهم صنوفاً من التعذيب، ويدفن أجسادهم في السّجون سراً، وقد اكتشف الأمر بعد موته، إذ فتحت السّجون، وعثر فيها على الجثث والعظام، وعرف الناس ما ارتكبه هذا الطاغية من مظالم، في تلك السجون الرهيبة.

وبعد هلاك المنصور، خلفه ابنه الغبيّ الماجن، المهدي العباسي، وكان هذا لا يخفي عداوته لأهل بيت الرسول، غير أنّه لم يبلغ مبلغ أبيه في القسوة والتنكيل. وقد تحسن وضع المساجين قليلاً في عهده.

حاول المهدي مرّة مضايقة الإمام عليه السلام، فاستدعاه إلى بغداد، ورمى به في السجن، لكنّه بعد حلم مرعب أبصره في إحدى الليالي، سارع إلى إطلاق سراحه، وأعاده إلى المدينة مكرّماً. وقد تعدّدت لقاءاته به مراتٍ خلال حكمه القصير، وجرت بينهما في إحداها محاورة تناولت قصة «فدك»، وهي المزرعة التي قدّمها الرسول (ص) لابنته نحلةً (أي هبةً)، لكنّها انتزعت منها بعد وفاته، وتناقلها الحكام فيما بينهم.

ويروى أنّ المهدي العباسي عرض على الإمام الكاظم عليه السلام. أن يردّ له مزرعة «فدك»، فرفض قبولها. ولما سأله عن سبب رفضه أجاب بأنّه لا يقبلها إلا بحدودها، فسأله: وما حدودها؟ فأجاب: إنّي إن حددّتها لم تردّها، فألحّ عليه المهدي، فحددّها عليه السلام كما يلي:

الحدّ الأول: عدن إلى الجنوب. فتغيّر وجه المهدي، ثم قال (ع): والحد الثاني: سمرقند إلى الشرق، فاربد وجهه، ثم قال: والحدّ الثالث: إفريقية إلى الغرب، فقال المهدي: والحدّ الرابع؟ قال: سيف بحر الخزر وأرمينية. عندها قال المهدي: لم يبق لنا شيء. فتحول إلى مجلسي. (أي تفضّل واجلس مكاني على العرش). فكان جواب الإمام (ع): لقد أعلمتك بأنّي إن حدّدتها، لم تردّها.

ويتبيّن من هذه الحادثة أنّ الإمام عليه السلام، كان يرمي إلى إفهام المهدي العباسي، أنّ البلاد الإسلامية كلّها في ذلك الحين، هي حقّ لأهل بيت الرّسول (ص)، وقد اغتصبت منهم، وليس مزرعة «فدك» فحسب، وأنّ المغتصبين لها هم الحكّام العباسيّون، والأمويّون من قبلهم. وهذا معنى قوله عليه السلام: إنّي إن حدّدتها، لم تردّها. لم يدم حكم المهدي العباسي طويلاً، حيث خلفه ابنه الهادي. وكان هذا رجلاً ضعيفاً، كما كان عهده قصيراً أيضاً، وخلفه من بعده ابنه هارون الرّشيد.



قصّة علي بن يقطين

كان هارون الرشيد أكثر الحكّام العباسيين قوةً واقتداراً، وشرع منذ بداية حكمه بالتضييق على العلويين وسجنهم وتعذيبهم، وحتى قتلهم. مما دعا الإمام إلى توصية أصحابه بالتخفّي، كي لا يقعوا في أيدي السفّاكين من أعوان الرشيد. وساعدهم هذا التخفي على نشر تعاليم الإسلام في جميع أنحاء العالم الإسلامي الواسع، كما استطاعوا العمل خفيةً في دوائر الدولة، وفي قصر الرشيد بالذات، الأمر الذي مكنهم من مساعدة المظلومين والمضطهدين. ومن أولئك رجل يعرف باسم «يقطين».

كان يقطين في البداية من خصوم بني أمية، وكان يدعو الناس للثورة، وتعرّف من خلال ذلك على السفاح والمنصور العباسيين، ونشأت بينهم صداقة قوية. وبعد انتصار العباسيين تولّى يقطين مناصب مهمّةً في الدولة، وكان رجلاً مؤمناً صالحاً ، ينفق أمواله في وجوه البرّ والإحسان، كما كان عوناً للمؤمنين. وقد عيّنه المنصور أخيراً قائماً بأعمال ديوانه.

كان ليقطين ابن اسمه علي، وكان علي كأبيه من خيرة أصحاب الإمام الكاظم (ع)، يتردّد عليه في الخفاء، وبعد موت أبيه يقطين حلّ مكانه، ثم توصّل إلى الوزراة في قصر هارون الرشيد، والرشيد لا يدري شيئاً عن ميوله.

كان عليّ بن يقطين يؤدي خمس وزكاة أمواله إلى الإمام بصورةٍ سريةٍ، وفكّر مرة بترك عمله في قصر الرشيد، لكنّ الإمام أوصاه بالبقاء، ليكون عوناً للمؤمنين.

ويروى أن الرّشيد أهداه يوماً ثوبا فاخراً منسوجاً بالذهب يلبسه الملوك، ويسمّى «الدّارعة»، فلما تسلّمها أهداها من فوره إلى الإمام مع مبلغ من المال بمثابة سهمه من الخمس والزكاة. فقبل الإمام المال وردّ الدارعة مع الرّسول وكتب إليه: احتفظ بها ولا تخرجها عنك، فسيكون لك بها شأن تحتاج معه إليها. تأثّر عليّ لردّ الإمام هديّته، لكنّه احتفظ بها، وجعلها في سفطٍ (وهو وعاء يعبّأ فيه الطيب وما يماثله)، مع بعض العطور، وختم عليها.

بعد مدة، غضب علي على غلامه، وكان الغلام يعرف ميوله إلى الإمام الكاظم (ع)، فسعى من فوره إلى الرّشيد وقال له: إنّ علي بن يقطين يقول بإمامة موسى الكاظم، وإنّه يحمل إليه زكاة وخمس أمواله، وقد حمل إليه الدّارعة التي أكرمتها بها.

اشتعل الرشيد غضباً حين سمع بذلك وقال: لأكشفنّ هذا الأمر، فإن صحّ عليه أزهقت روحه. ثمّ أرسل يستدعيه في الحال، ولما مثل بين يديه قال له: ماذا فعلت بالدّارعة التي كسوتك بها؟ فقال: هي عندي يا أميرالمؤمنين، في سفط مختومٍ فيه طيب، فقال له الرّشيد: أحضرها الساعة.

استدعى ابن يقطينٍ أحد الخدم وأمره بإحضار السفط بعد أن عين له مكانه، فلم يلبث الغلام أن عاد مسرعاً، ومعه السفط مختوماً، فوضعه بين يدي الرشيد، الذي فتحه ووجد الدّارعة فيه على حالها، فسكن غضبه وقال: ردّها إلى مكانها وانصرف راشداً، ولم أصدّق عليك بعد اليوم ساعياً (أي واشياً). ثم أمر بضرب الساعي ألف سوطٍ، فمات تحت السياط.

وعرف علي بن يقطينٍ بعد هذه الحادثة لماذا ردّ له الإمام الدّارعة.

هذه الحادثة، وحوادث أخرى مشابهة كشفت لعين الرّشيد مدى ما يتمتّع به الإمام من قدرة ونفوذ، إضافةً إلى ما ينقله إليه الوشاة والمغرضون من أخباره، وقد استدعى الرشيد مرةً علي بن إسماعيل، ابن أخي الإمام الكاظم بناءً على نصيحة يحيى بن خالد البرمكيّ، عدوّ الإمام، والذي يعرف حسد ابن أخيه له، وبعد أن غمره الرشيد بالمال والهدايا سأله عن أحوال عمّه، فقال علي: خلّفت عمّي في المدينة وهو في أحسن حالٍ، ولديه المال والرجال، حتى كأنّ هناك خليفتين: أحدهما في العراق والآخر في الحجاز

فهم الرّشيد مغزى أقوال علي بن إسماعيل فصمّم على التخلّص من الإمام، ثمّ أمر بالقبض عليه خفيةً وإيداعه سجن البصرة، غير أنّ والي البصرة ويدعى عيسى بن جعفر، عامل الإمام معاملة حسنةً، لما رآه من صلاحه وتعبّده وتقواه، ولمّا علم الرشيد بذلك أمر بنقله إلى بغداد، حيث أودعه في سجن الفضل بن الربيع البرمكي.

قضى الإمام في سجنه الجديد مدّةً طويلةً، غير أنّ الفضل بن الربيع لمس هو الآخر ما يتمتّع به الإمام من عظمةٍ، فصار يعامله باحترامٍ شديدٍ، وأمر بنقله إلى منزلٍ جيّدٍ، كما أمر بتخصيصه بأجود أنواع الطعام، واستطاع الإمام أن يتّصل بلفيف من أنصاره ويجتمع بهم في هذا المكان، كما استطاع أن يغادر المنزل أحياناً، ويقوم بجولاتٍ في المدينة يعود بعدها إلى مكان إقامته.

خاف الرشيد من اتّساع شهرة الإمام ومن التفاف الناس حوله، فأمر بنقله إلى سجن السنديّ بن شاهك، بعد أن أوصاه بالقسوة عليه.

طرح الإمام عليه السلام في هذا السجن، بعد أن قيّدوا يديه ورجليه بالسّلاسل. وبعد مدّةٍ طويلةٍ قضاها في سجنه أرسل الرشيد وزيره يحيى البرمكي، ينقل إليه أنّ الرشيد قد أقسم على إطلاق سراحه شريطة أن يقدّم له اعتذاره، وكان الرشيد يرمي إلى إذلال الإمام، وإظهار ضعفه أمام الناس، كما يثبت من جانبٍ آخر أنّه هو خليفة المسلمين.

عرف الإمام كلّ هذا، وكان ردّه على يحيى البرمكي: سيقع الفراق بيني وبين هارون عاجلاً، وسيحقق هارون ما يريد.

ولم يطل الأمر بعد أن كان الإمام قد أمضى في سجون الرشيد ما يقارب عشرين عاماً - حتّى أصدر الرّشيد أوامره الى السنديّ بن شاهك، بأن يدسّ في طعام الإمام حبّات من التّمر مسمومةً. وهكذا كان، وقضى الإمام عليه السلام شهيداً بالسّم، وأصدر فقهاء القصر وأطبّاؤه شهادتهم بأنّ الإمام توفي بعد إصابته بمرضٍ طبيعيٍّ، وليس لموته أي سبب آخر.

لكنّ الناس كان لهم رأي آخر، فهم يعرفون حقّ المعرفة سبب سجنه واستشهاده، ويعرفون حقّ المعرفة من هو المسؤول. ولا يزال مقامه عليه السلام في الكاظمية حتى اليوم شاهداً على جريمة هارون وأمثالها. لكنّ الجريمة مهما عظمت لن تحجب أنوار الإسلام ولن تطفئ شعلته {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم، والله متمّ نوره ولوكره الكافرون}.

إمامة الكاظم (ع):ترعرع الامام موسى بن جعفر في حضن أبيه أبي عبد الله الصادق (ع) فنهل منه العلوم الالهية وتخلق بالأخلاق الربانية حتى ظهر في صغره على سائر إخوته، وقد ذكرت لنا كتب السيرة أن مناظرة حصلت بينه وبين أبي حنيفة حول الجبر والاختيار بيّن له فيها الامام على صغر سنه بطلان القول بالجبر بالدليل العقلي ما دعا أبا حنيفة الى الاكتفاء بمقابلة الابن عن مقابلة الامام الصادق وخرج حائراً مبهوتاً.
عاش الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) مدة إمامته بعد أبيه في فترة صعود الدولة العباسية وانطلاقتها. وهي فترة تتّسم عادة بالقوّة والعنفوان. واستلم شؤون الإمامة في ظروف صعبة وقاسية، نتيجة الممارسات الجائرة للسلطة وعلى رأسها المنصور العباسي، ومما أوقع الشيعة في حال اضطراب إدَِّعاء الإمامة زوراً من قبل أحد أبناء الإمام الصادق (ع) وهو عبد الله الأفطح وصار له أتباع عُرفوا بالفطحية، كما كان هناك الاسماعيلية الذين اعتقدوا بإمامة إسماعيل بن جعفر الصادق (ع) الابن الأكبر للإمام الصادق مع أنه توفي في حياة أبيه. ولكن هذه البلبلة ساعدت في الحفاظ على سلامة الإمام الفعلي وهو الإمام موسى الكاظم (ع)، حيث اشتبه الأمر على الحكام العباسيين فلم يتمكنوا من تحديد إمام الشيعة ليضيقوا عليه أو يقتلوه، وهو ما أعطى الامام الكاظم فرصة أكبر للقيام بدوره الالهي كإمام مسدد للإمامة.


منزلة الإمام (ع):
وبما أن الإمام في عقيدة الشيعة هو وعاء الوحي والرسالة، وله علامات وميزات خاصة لا يتمتع بها سواه فقد فرض الامام الكاظم نفسه على الواقع الشيعي وترسخت إمامته في نفوس الشيعة.
فجسّد الإمام الكاظم (ع) دور الإمامة بأجمل صورها ومعانيها، فكان أعبد أهل زمانه وأزهدهم في الدنيا وأفقههم وأعلمهم. وكان دائم التوجّه لله سبحانه حتى في أحرج الأوقات التي قضاها في سجون العباسيين حيث كان دعاؤه "اللهم إنك تعلم أني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد فعلت فلك الحمد" كما احتل الإمام (ع) مكانة مرموقة على صعيد معالجة قضايا العقيدة والشريعة في عصره. حيث برز في مواجهة الاتجاهات العقائدية المنحرفة والمذاهب الدينية المتطرفة والأحاديث النبوية المدسوسة من خلال عقد الحلقات والمناظرات الفكرية مما جعل المدينة محطة علمية وفكرية لفقهاء ورواة عصره يقصدها طلاب العلوم من بقاع الأرض البعيدة فكانوا يحضرون مجالسه وفي أكمامهم ألواح من الإبنوس (نوع من الخشب) كما ذكر التاريخ..
وقد تخرّج من مدرسة الإمام الكاظم (ع) في المدينة، والتي كانت امتداداً لمدرسة الإمام الباقر (ع) واستمراراً لمدرسة الإمام الصادق (ع) الكثير من العلماء والفقهاء في مختلف العلوم الأسلامية انذاك..


الإمام (ع) والسلطة:
عاصر الامام الكاظم (ع) من خلفاء العباسيين المنصور والمهدي والهادي وهارون الرشيد، وقد إتسم حكم المنصور العباسي بالشدّة والقتل والتشريد وامتلأت سجونه بالعلويين حيث صادر أموالهم وبالغ في تعذيبهم وتشريدهم وقضى بقسوة بالغة على معظم الحركات المعارضة. وهكذا حتى مات المنصور، وانتقلت السلطة إلى ولده المهدي العباسي الذي خفّف من وطأة الضغط والرقابة على ال البيت (ع) مما سمح للإمام الكاظم (ع) أن يقوم بنشاط علمي واسع في المدينة حتى شاع ذكره في أوساط الأمة.
وفي خلافة الهادي العباسي الذي اشتهر بشراسته وتضييقه على أهل البيت (ع). قام الحسين بن علي أحد أحفاد الإمام الحسن (ع) بالثورة على العباسيين فيما عرف فيما بعد بثورة "فخ" وسيطر على المدينة واشتبك مع الجيش العباسي في قرية "فخ" قرب مكة ولكن انتهت المعركة بفاجعة مروّعة، وحملت الرؤوس والأسرى إلى الهادي العباسي الذي راح يتوعد ويهدّد بالإمام الكاظم (ع) فقال بصدده: "والله ما خرج حسين إلاّ عن أمره ولا اتبع إلا محبته لأن صاحب الوصية في أهل البيت، قتلني الله إن أبقيت عليه". ولكن وبحمد الله لم تسنح الفرصة له بذلك إذ مات بعد وقت قصير، فانتقلت السلطة إلى هارون الرشيد الذي فاق أقرانه في ممارسة الضغط والإرهاب على العلويين.
إزاء هذا الأمر دعا الامام أصحابه واتباعه الى اجتناب كافة أشكال التعامل مع السلطة العباسية الظالمة التي مارست بحق العلويين ظلماً لم تمارسه الدولة الأموية ودعاهم الى اعتماد السرية التامة في تحركهم واستخدام التقية للتخلص من شر هؤلاء الظلمة.
ومع كل هذا الحذر فقد عصف بقلب هارون الرشيد الحقد والخوف من الامام (ع) فأودعه السجن وأقام عليه العيون فيه لرصد أقواله وأفعاله عسى أن يجد عليه مأخذاً يقتله فيه. ولكنهم فشلوا في ذلك فلم يقدروا على ادانته في شيء، بل أثّر فيهم الامام (ع) بحسن أخلاقه وطيب معاملته فاستمالهم إليه، مما حدا بهارون الرشيد الى نقله من ذلك السجن الى سجن السندي بن شاهك بغية التشديد عليه والقسوة في معاملته.
ورغم شدة المعاناة التي قاساها الامام (ع) في ذلك السجن فقد بقي ثابتاً صلباً ممتنعاً عن المداهنة رافضاً الانصياع لرغبات الحاكم الظالم.


زوجاته وأولاده (ع):
كان غالب زوجاته (ع) من الاماء، لذلك لم يذكر أولاد من غيرهن وكان له منهن أولاد كثيرون أبرزهم علي بن موسى الرضا (ع).
وابراهيم وكان يكنى به والعباس والقاسم واسماعيل وجعفر وهارون والحسن ومن بناته فاطمة المعصومة المدفونة في قم المقدسة.




في امر الله عزوجل ونهيه

سئل الإمام موسى الكاظم (عليه السلام): هل منع الله عمّا أمربه؟ وهل نهى عمّا أراد؟ وهل أعان على مالم يرد؟
فقال (عليه السلام): أمّا ما سألت:« هل منع الله عمّا أمربه؟» فلا يجوز ذلك، ولو جاز ذلك لكان قد منع إبليس عن السجود لآدم، ولو منع إبليس لعذره ولم يلعنه.
وأمّا ما سألت:« هل نهى عمّا أراد؟» فلا يجوز ذلك، ولو جاز ذلك لكان حيث نهى آدم (عليه السلام) عن أكل الشّجرة أراد منه أكلها، ولو أراد منه أكلها لما نادى عليه صبيان الكتاتيب: « وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى» ـ طه:121 ـ والله تعالى لا يجوز عليه أن يأمر بشيء ويريد غيره.
وأمّا ما سألت عنه من قولك:« هل أعان على مالم يرد؟» فلا يجوز ذلك وجل الله تعالى عن أن يعين على قتل الأنبياء وتكذيبهم، وقتل الحسين بن علي (عليهما السلام) والفضلاء من ولده، وكيف يعين على مالم يرد وقد أعدّ جهنم لمخالفيه، ولعنهم على تكذيبهم لطاعته، وارتكابهم لمخالفته؟! ولو جاز أن يعين على مالم يرد لكان أعان فرعون على كفره وادّعائه أنّه رب العالمين، أفترى أراد الله من فرعون أن يدّعي الربوبيّة؟ يستتاب قائل هذا القول، فان تاب من كذبه على الله وإلّا ضربت عنقه.

الامام (عليه السلام) في مجلس الرشيد

روي أنّ المأمون قال لقومه: أتدرون من علمني التشيع؟
فقال القوم: لا والله ما نعلم ذلك.
قال: علّمنيه الرشيد!
قيل له: وكيف ذلك، والرشيد كان يقتل أهل هذا البيت؟!
قال: كان يقتلهم على الملك، لأنّ الملك عقيم، ثمّ قال: إنّه دخل موسى بن جعفر (عليهما السلام) على الرشيد يوماً فقام إليه الرّشيد، واستقبله وأجلسه في الصدر وقعد بين يديه، وجرى بينهما أشياء. ثمّ قال موسى بن جعفر (عليهما السلام) لأبي: يا أميرالمؤمنين! إن الله عزّوجل قد فرض على ولاة عهده: أن ينعشوا فقراء الأُمة ويقضوا عن الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني ـ الاسير ـ ، وأنت أولى من يفعل ذلك.
فقال الرشيد : أفعل يا أباالحسن.
ثمّ قام، فقام الرشيد لقيامه. وقبّل ما بين عينيه ووجهه ثمّ أقبل عليَّ وعلى الأمين وعلى المؤتمن فقال: يا عبدالله! ويا محمّد! ويا إبراهيم! امشوا بين يدي ابن عمّكم وسيدكم، خذوا بركابه وسوّوا عليه ثيابه وشيّعوه إلى منزله، فأقبل إليَّ أبوالحسن موسى بن جعفر (عليهما السلام) سرّاً بيني وبينه فبشرني بالخلافة، وقال لي:« إذا ملكت هذه الأمر فأحسن إلى ولدي».
ثمّ انصرفنا وكنت أجرأ ولد أبي عليه، فلمّا خلا المجلس قلت: يا أميرالمؤمنين! ومن هذا الرجل الذي أعظمته وأجللته، وقمت من مجلسك إليه فاستقبلته وأقعدته في صدر المجلس وجلست دونه، ثمّ أمرتنا بأخذ الركاب له؟
قال: هذا إمام النّاس وحجة الله على خلقه، وخليفته على عباده!
فقلت: يا أميرالمؤمنين: أو ليست هذه الصفات كلّها لك وفيك؟
فقال: أنا إمام الجماعة في الظّاهر بالغلبة والقهر، وموسى بن جعفر إمام حقّ، والله يا بني إنّه لأحقّ بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) مني ومن الخلق جميعاً، ووالله لو نازعتني في هذا الأمر لأخذت الذي فيه عيناك، لأنَّ الملك عقيم.
فلمّا أراد الرحيل من المدينة إلى مكّة أمر بصّرة سوداء فيها مائتا دينار ثمّ أقبل على الفضل فقال له: إذهب إلى موسى بن جعفر وقل له: يقول لك أميرالمؤمنين: نحن في ضيقة وسيأتيك بِرّنا بعد هذا الوقت.
فقمت في وجهه فقلت: يا أميرالمؤمنين! تعطي أبناء المهاجرين والأنصار وسائر قريش وبن دينار إلى ما دونها وتعطي موسى بن جعفر وقد عظّمته وأجللته مائتي دينار، وأخسّ عطية أعطيتها أحداً من النّاس؟
فقال: اسكت لا أمّ لك! فاني لو أعطيته هذا ما ضمنته له، ما كنت آمنه أن يضرب وجهي غداً بمائة ألف سيف من شيعته ومواليه، وفقر هذا وأهل بيته أسلم لي ولكم من بسط أيديهم وإغنائهم.



شهادته (ع):
أمضى الامام الكاظم (ع) في سجون هارون الرشيد سبع سنوات، وفي رواية 13 سنة حتى أعيت هارون فيه الحيلة ويئس منه فقرر قتله، وذلك بأن أمر بدس السم له في الرطب فاستشهد سلام الله عليه في الخامس والعشرين من شهر رجب سنة 183ه. ودفن في الكاظمية المقدسة وسط بغداد

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mrqyh.alafdal.net
 
نبذة عن الامام موسى الكاظم (عليه السلام)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نبذة عن الامام علي بن الحسين (عليه السلام)
» نبذة عن الامام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
» نبذة عن الامام علي الهادي(عليه السلام)
» نبذة عن الامام الحسن (عليه السلام)
» نبذة عن الامام الحسين (عليه السلام)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موكب السيدة رقية (عليها السلام) :: الفئة الاسلامية :: قسم سيرة أهل البيت عليهم السلام-
انتقل الى: