النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين السيد نعمة الله الجزائري 7
الفصل الرابع
في تزويج آدم و حواء و كيفية ابتداء النسل
و قصة قابيل و هابيل و بقية أحوال آدم (عليه السلام)
علل الشرائع بإسناده إلى زرارة قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) أن
عندنا أناسا يقولون إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى آدم (عليه السلام) أن
يزوج بناته من بنيه و إن هذا الخلق كله أصله من الإخوة و الأخوات قال أبو
عبد الله (عليه السلام) سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا يقول من يقول
هذا إن الله عز و جل جعل صفوة خلقه و أبو أنبيائه من حرام و لم يكن له من
القدرة ما يخلقهم من الحلال و الله لقد نبئت أن بعض البهائم تنكرت له أخته
فلما نزا عليها و نزل كشف له عنها و علم أنها أخته أخرج غرموله في ذكره ثم
قبض عليه بأسنانه ثم قلعه ثم خر ميتا قال زرارة ثم سئل (عليه السلام) عن
خلق حواء و قيل أناس عندنا يقولون إن الله عز و جل خلق حواء من ضلع آدم
الأيسر الأقصى قال سبحان الله و تعالى عن ذلك علوا كبيرا من يقول هذا إن
الله تعالى لم يكن له من القدرة ما يخلق لآدم زوجته من غير ضلعه و جعل
المتكلم من أهل التشنيع سبيلا إلى الكلام يقول إن آدم ينكح بعضه بعضا إذا
كانت من ضلعه ما لهؤلاء حكم الله بيننا و بينهم ثم قال إن الله تبارك و
تعالى لما خلق آدم من طين أمر الملائكة فسجدوا له و ألقى عليه النوم ثم
ابتدع له خلقا ثم جعلها في موضع النقرة الذي بين وركيه و ذلك لكي تكون
المرأة تبعا للرجل فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها فنوديت أن تنحي عنه فلما
نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى فكلمها فكلمته بلغته
فقال لها من أنت قالت خلق خلقني الله كما ترى فقال آدم يا رب من هذا الخلق
الحسن الذي قد آنسني قربه و النظر إليه فقال الله هذه أمتي حواء أ فتحب أن
تكون معك فتؤنسك و تحدثك و تأتمر لأمرك قال نعم يا رب و لك بذلك الشكر و
الحمد ما بقيت فقال الله فاخطبها إلي
[53]
فإنها أمتي و قد تصلح أيضا للشهوة و ألقى الله عليه الشهوة و قد علم قبل
ذلك المعرفة فقال يا رب فإني أخطبها إليك فبما رضاك لذلك قال رضائي أن
تعلمها معالم ديني فقال لك ذلك علي يا رب إن شئت ذلك قال عز و جل قد شئت
ذلك و قد زوجتكها فضمها إليك فقال أقبلي فقالت بل أنت فأقبل إلي فأمر الله
عز و جل آدم أن يقوم إليها فقام و لو لا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى
الرجال حتى يخطبن على أنفسهن فهذه قصة حواء ص .
أقول : المشهور بين العامة أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر .
و في بعض الأخبار ما يدل عليه و هذا الحديث و ما بمعناه ينفي ذلك القول و
حينئذ لذلك الأخبار إما محمولة على التقية أو على أنها خلقت من فضلة الطينة
كما قاله الصدوق. قال الرازي في تفسير قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ
اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَ خَلَقَ
مِنْها زَوْجَها المراد من هذا الزوج هو حواء و في كون حواء مخلوقة من آدم
قولان الأول و هو الذي عليه الأكثر أنه لما خلق الله آدم ألقى عليه النور
ثم خلق حواء من ضلع من أضلاعه اليسرى فلما استيقظ رآها و مال إليها لأنها
مخلوقة من جزء من أجزائه و احتجوا عليه بقول النبي (صلى الله عليه وآله
وسلم) إن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقيمها كسرتها و إن تركتها و فيها
عوج استمتعت بها. القول الثاني و هو اختيار أبي مسلم الأصفهاني في أن
المراد من قوله وَ خَلَقَ مِنْها زَوْجَها أي من جنسها و هو كقوله تعالى وَ
اللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً و كقوله إِذْ بَعَثَ
فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ. قال القاضي و القول الأول أقوى لكي
يصح قوله خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ إذ لو كانت حواء مخلوقة ابتداء
لكان الناس مخلوقين من نفسين لا من نفس واحدة و يمكن أن يجاب عنه بأن كلمه
من لابتداء الغاية فلما كان ابتداء التخليق و الإيجاد وقع بآدم (عليه
السلام) صح أن يقال خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ و أيضا فلما ثبت أنه
تعالى قادر على خلق آدم من التراب كان قادرا على خلق حواء من التراب فإذا
كان الأمر كذلك فأي فائدة في خلقها من ضلع من أضلاع آدم (عليه السلام)
انتهى .
و قال بعض أهل الحديث يمكن أن يقال إن المراد بالخلق من نفس واحدة الخلق من
أب واحد كما يقال بنو تميم نشئوا من تميم و لا تنافيه شركة الأم على أنه
يجوز أن يكون من قوله مِنْها للتعليل أي لأجلها .
و فيه أيضا عن زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) في حديث طويل ذكر فيه
ما يقوله العامة من تزويج الإخوة بالأخوات إلى أن قال : ويح هؤلاء أين هم
عما لم يختلف فيه فقهاء أهل الحجاز و لا فقهاء أهل
[54]
العراق إن الله عز و جل أمر القلم فجرى القلم على اللوح المحفوظ بما هو
كائن إلى يوم القيامة قبل خلق آدم (عليه السلام) بألفي عام و أن كتب الله
كلها مما جرى فيه القلم في كلها تحريم الأخوات على الإخوة مع ما حرم و نحن
نقرأ الكتب المنزلة الأربعة المشهورة في هذا العالم التوراة و الإنجيل و
الزبور و الفرقان أنزلها الله عز و جل من اللوح المحفوظ على رسله (صلى الله
عليه وآله وسلم) ليس فيها تحليل شيء من ذلك و من أراد أن يقول هذا و شبهه
إلا تقوية حجج المجوس ثم أنشأ يحدثنا كيف كان بدء النسل من آدم و ذريته
فقال إن لآدم (صلى الله عليه وآله وسلم) ولد سبعون بطنا في كل بطن غلام و
جارية إلى أن قتل هابيل فجزع آدم عليه جزعا قطعه عن إتيان النساء خمسمائة
عام ثم تخلى ما به من الجزع عليه فغشي حواء فوهب الله له شيئا و ليس معه
ثان فلما أدرك و أراد الله أن يبلغ بالنسل ما ترون و أن يكون ما جرى به
القلم تحريم ما حرم الله عز و جل من الأخوات على الإخوة أنزل بعد العصر في
يوم الخميس حوراء من الجنة اسمها نزلة فأمر الله عز و جل أن يزوجها من شيث
فزوجها منه ثم أنزل بعد العصر من الغد حوراء من الجنة اسمها منزلة فأمر
الله عز و جل آدم أن يزوجها من يافث فزوجها منه فولد لشيث غلام و ولد ليافث
جارية فأمر الله عز و جل آدم حين أدركا أن يزوج بنت يافث من ابن شيث ففعل
ذلك فولد الصفوة من النبيين و المرسلين و معاذ الله أن ذلك على ما قالوا من
الإخوة و الأخوات .
و عنه (عليه السلام) : قال أوصى آدم إلى شيث و هو هبة الله بن آدم و أوصى
شيث إلى ابنه شيبان و هو ابن منزلة الحوراء التي أنزلها الله على آدم من
الجنة فزوجها ابنه شيثا .
في كتاب الخرائج عن الثمالي قال : سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يحدث
رجلا من قريش قال لما تاب الله على آدم واقع حواء و لم يكن غشيها منذ خلقت
إلا في الأرض و ذلك بعد ما تاب الله عليه و كان آدم يعظم الحرم و إذا أراد
أن يغشي حواء خرج من الحرم و أخرجها معه و غشيها في الحل ثم يغتسلان ثم
يرجع إلى فناء البيت فولد لآدم من حواء عشرون ولدا ذكرا و عشرون أنثى فولد
له في كل بطن ذكر و أنثى فأول بطن ولدت حواء هابيل و معه جارية يقال لها
إقليما و ولدت في البطن الثاني قابيل و معه جارية يقال لها لوذا و كانت
لوذا أجمل بنات آدم فلما أدركوا خاف عليها آدم الفتنة فقال أريد أن أنكحك
يا هابيل لوذا و أنكحك يا قابيل إقليما قال قابيل ما أرض بهذا أ تنكحني أخت
هابيل القبيحة و تنكح قابيل أختي الجميلة قال آدم (عليه السلام) فأنا أقرع
بينكما فإن خرج سهمك يا قابيل على إقليما زوجت كل واحد منكما التي خرج
سهمه عليها فرضيا بذلك فاقترعا فخرج سهم هابيل على لوذا أخت قابيل و خرج
سهم قابيل على إقليما أخت هابيل فزوجها على ما خرج لهما من عند الله قال ثم
حرم الله
[55]
نكاح الأخوات بعد ذلك فقال له القرشي فأولداهما قال نعم فقال القرشي فهذا
فعل المجوس اليوم فقال علي بن الحسين (عليه السلام) إن المجوس إنما فعلوا
ذلك بعد التحريم من الله ثم قال علي بن الحسين (عليه السلام) لا تنكر هذا أ
ليس الله قد خلق زوجة آدم منه ثم أحلها فكان ذلك شريعة من شرائعهم ثم أنزل
الله التحريم بعد ذلك .
أقول : هذا الحديث و ما روي بمعناه محمول على التقية لأنه المذهب المشهور بينهم .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قال لما أهبط الله آدم و حواء إلى الأرض
و جمع بينهما ولدت له بنتا فسماها عتاقا فكانت أول من بغى على وجه الأرض
فسلط الله عليها ذئبا كالفيل و نسرا كالحمار فقتلاها ثم ولد له إثر عتاق
قابيل فلما أدرك أظهر الله عز و جل جنية من ولد الجان يقال لها جهانة في
صورة إنسية فلما رآها قابيل أحبها فأوحى الله إلى آدم أن يزوج جهانة من
قابيل ثم ولد لآدم هابيل فلما أدرك أهبط الله إلى آدم حوراء و اسمها نزلة
الحوراء فلما رآها هابيل أحبها فأوحى الله إلى آدم أن يزوجها من هابيل ففعل
ذلك فكانت نزلة الحوراء زوجة لهابيل بن آدم ثم أوحى الله إلى آدم أن يضع
ميراث النبوة و العلم و يدفعه إلى هابيل ففعل ذلك فلما علم قابيل غضب و قال
لأبيه أ لست أكبر من أخي و أحق بما فعلت به فقال يا بني إن الأمر بيد الله
و إن الله خصه بما فعلت فإن لم تصدقني فقربا قربانا فأيكما قبل قربانه فهو
أولى بالفضل و كان القربان في ذلك الوقت تنزل النار فتأكله و كان قابيل
صاحب زرع فقرب قمحا رديئا و كان هابيل صاحب غنم فقرب كبشا سمينا فأكلت
النار قربان هابيل فأتاه إبليس فقال يا قابيل لو ولد لكما ولد و كثر نسلكما
افتخر نسله على نسلك بما خصه به أبوك و لقبول النار قربانه و تركها قربانك
و إنك إن قتلته لم يجد أبوك بدا من أن يخصك بما دفعه إليه فوثب قابيل إلى
هابيل فقتله ثم قال إبليس إن النار التي قبلت القربان هي المعظمة فعظمها و
اتخذ لها بيتا و اجعل لها أهلا و أحسن عبادتها و القيام عليها يقبل قربانك
إذا أردت ذلك ففعل قابيل ذلك فكان أول من عبد النار و اتخذ بيوت النيران و
إن آدم أتى الموضع الذي قتل فيه قابيل أخاه فبكى هناك أربعين صباحا يلعن
تلك الأرض حيث قبلت دم ابنه و هو الذي فيه قبلة المسجد الجامع بالبصرة و إن
هابيل يوم قتل كانت امرأته نزلة الحوراء حبلى فولدت غلاما فسماه آدم باسم
ابنه هابيل و إن الله عز و جل وهب لآدم بعد هابيل ابنا فسماه شيث ثم قال إن
هذا هبة الله فلما أدرك أهبط الله على آدم حوراء يقال لها ناعمة في صورة
إنسية فلما رآها شيث أحبها فأوحى الله إلى آدم أن زوج ناعمة من شيث ففعل
ذلك آدم فولدت له جارية فسماها آدم حورية فلما أدركت أوحى الله إلى آدم أن
زوج حورية من هابيل ففعل
[56]
ذلك آدم فهذا الخلق الذي ترى من هذا النسل فلما انقضت نبوة آدم أمره الله
تعالى أن يدفع العلم و آثار النبوة إلى شيث و أمره بالكتمان و التقية من
أخيه لئلا يقتله كما قتل هابيل الحديث .
و روىعلي بن إبراهيم عن الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) أنه : لما سولت
له نفسه قتل أخيه لم يدر كيف يقتله حتى جاء إبليس فعلمه فقال ضع رأسه بين
حجرين ثم اشدخه فلما قتله لم يدر ما يصنع به فجاء غرابان فأقبلا يتقاتلان
حتى قتل أحدهما صاحبه ثم حفر الذي بقي على الأرض بمخالبه و دفن صاحبه قال
قابيل يا وَيْلَتى أَ عَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ
فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فحفر له حفيرة و دفنه فيها فرجع قابيل إلى أبيه و
لم يكن معه هابيل قال آدم أين تركت ابني فقال قابيل أرسلتني عليه راعيا
فقال انطلق معي إلى مكان القربان و أحس قلب آدم بالذي فعل قابيل فلما بلغ
مكان القربان استبان قتله فلعن آدم الأرض التي قبلت دم هابيل و لذلك لا
تشرب الأرض الدم فانصرف و بكى على هابيل أربعين يوما و ليلة .
و عنه (عليه السلام) : إن قابيل يعذب بعين الشمس يستقبلون بوجهه الشمس حتى
تطلع و يديرونه معها حتى تغيب ثم يصبون عليه في البرد الماء البارد و في
الحر الماء الحار .
عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام)
عن قول الله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ فقال (عليه
السلام) قابيل يفر من أخيه هابيل و سئل (عليه السلام) عن يوم الأربعاء و
التطير منه فقال (عليه السلام) هو آخر أربعاء و هو المحاق و فيه قتل قابيل
أخاه هابيل .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : إن أشد الناس عذابا يوم القيامة لسبعة
أنفر أولهم ابن آدم الذي قتل أخاه و نمرود الذي حاج إبراهيم في ربه و اثنان
في بني إسرائيل هودا قومهم و نصراهم و فرعون الذي قال أنا ربكم الأعلى و
اثنان من هذه الأمة يعني الأول و الثاني .
سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن أول من قال الشعر : فقال آدم
لما أنزل إلى الأرض من السماء فرأى تربتها و سعتها و هواها و قتل قابيل
هابيل فقال آدم (عليه السلام) .
تغيرت البلاد و من عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي لون و طعم و قل بشاشة الوجه المليح
فأجابه إبليس لعنه الله
تنح عن البلاد و ساكنيها فبئ بالخلد ضاق بك الفسيح
[57]
و كنت بها و زوجك في قرار و قلبك من أذى الدنيا مريح
فلم تنفك من كيدي و مكري إلى أن فاتك الثمن الربيح
فلو لا رحمة الجبار أضحت بكفك من جنان الخلد ريح
أقول : و ربما زاد فيه بعضهم إلا أن الاعتماد على هذا الورود في كتاب علل الشرائع و عيون الأخبار و غيرهما.
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) : قال كانت الوحوش و الطير و السباع و كل
شيء خلق الله عز و جل مختلطا ببعض فلما قتل ابن آدم أخاه نفرت و فزعت فذهب
كل شيء إلى شكله .
و عنه (عليه السلام) : إن الله عز و جل أنزل حوراء من الجنة إلى آدم فزوجها
أحد ابنيه و تزوج الآخر إلى الجن فولدتا جميعا فما كان من الناس من جمال و
حسن خلق فهو من الحوراء و ما كان فيهم من سوء الخلق فمن بنت الجان و أنكر
أن يكون زوج بنيه من بناته .
أقول : قيل في وجه الجمع بينه و بين ما سبق أما بالتجوز في الخبر السابق
بأن يكون المراد بالحوراء الشبيهة بها في الجمال أو في هذا الخبر بأن يكون
المراد بكونها من الجن كونها شبيهة بهم في الخلق و يمكن القول بالجمع
بينهما في أحد ابنيه و في الأخبار ما يؤيده .
و عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) : إن الله عز و جل حين أهبط آدم و زوجته و
هبط إبليس و لا زوجة له و هبطت الحية و لا زوج لها فكان أول من يلوط بنفسه
إبليس فكانت ذريته من نفسه و كذلك الحية و كانت ذرية آدم من زوجته
فأخبرهما أنهما عدوان لهما .
أقول : قد مر سابقا أن ذرية إبليس أنه يبيض و يفرخ فيحمل هذا إما على أن
يكون هذا اللواط ليتولد منه البيض و الفرخ و إما على أن ذريته يحصلان من
النوعين .
و عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : إن أول من بغى على الله عز و جل على
وجه الأرض عتاق بنت آدم (عليه السلام) خلق الله لها عشرين إصبعا و في كل
إصبع منها ظفران طويلان كالنخلين العظيمين و كان مجلسها في الأرض موضع جريب
فلما بغت بعث الله لها أسدا كالفيل و ذئبا كالبعير و نسرا كالحمار و كان
ذلك في الخلق الأول فسلطهم الله عليها فقتلوها .
معاني الأخبار عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : أخذتموهن بأمانة الله و
استحللتم فروجهن بكلمات الله فأما الأمانة فهي التي أخذ الله عز و جل على
آدم حين زوجه حواء و أما الكلمات فهي الكلمات التي شرط بها على آدم أن
يعبده و لا يشرك به شيئا و لا يزني و لا يتخذ من دونه أولياء .
القصص للراوندي : أن عوج بن عناق كان جبارا عدوا لله و للإسلام و له بسط في
[58]
الجسم و الخلق و كان يضرب يده فيأخذ الحوت من أسفل البحر ثم يرفع إلى
السماء فيشويه في حر الشمس فيأكله و كان عمره ثلاثة آلاف و ستمائة سنة.
و روي أنه : لما أراد نوح (عليه السلام) أن يركب السفينة جاء إليه عوج فقال
له احملني معك فقال إني لم أؤمر بذلك فبلغ الماء إليه و ما جاوز ركبتيه و
بقي إلى أيام موسى (عليه السلام) فقتله موسى (صلى الله عليه وآله وسلم) .
العياشي عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن آدم لما
ولد له أربعة ذكور فأهبط الله إليهم أربعة من الحور العين فزوج كل واحد
منهم واحدة فتوالدوا ثم إن الله رفعهن و زوج هؤلاء الأربعة أربعة من الجن
فصار النسل فيهم فما كان من حلم فمن آدم و ما كان من جمال فمن قبل الحور
العين و ما كان من قبح أو سوء خلق فمن الجن .
و عن أبي جعفر (عليه السلام) : إن قابيل بن آدم معلق بقرونه في عين الشمس
تدور به حيث دارت في زمهريرها و حميمها إلى يوم القيامة صيره الله إلى
النار .
الكافي مسندا إلى أبي عبد الله (عليه السلام) : أنه سئل عن أول كتاب كتب في
الأرض فقال إن الله عز و جل عرض على آدم و ذريته عرض العين في صورة الذر
نبيا فنبيا و ملكا فملكا و مؤمنا فمؤمنا و كافرا فكافرا فلما انتهى إلى
داود (عليه السلام) قال من هذا الذي نبأته و كرمته و قصرت عمره فأوحى الله
عز و جل إليه هذا ابنك داود عمره أربعون سنة و أني قد كتبت الآجال و قسمت
الأرزاق و أنا أمحو ما أشاء و أثبت و عندي أم الكتاب فإن جعلت له شيئا من
عمرك ألحقته له قال يا رب قد جعلت له من عمري ستين سنة تمام المائة فقال
الله عز و جل لجبرئيل و ميكائيل و ملك الموت اكتبوا عليه كتابا فإنه سينسى
فكتبوا عليه كتابا و ختموه بأجنحتهم من طينة عليين فلما حضرت آدم الوفاة
أتاه ملك الموت فقال آدم يا ملك الموت ما جاء بك فقال جئت لأقبض روحك قال
قد بقي من عمري ستون سنة فقال إنك جعلتها لابنك داود و نزل عليه جبرئيل و
أخرج له الكتاب فقال أبو عبد الله (عليه السلام) فمن أجل ذلك إذا أخرج الصك
على المديون ذل المديون فقبض روحه .
و فيه عن الباقر (عليه السلام) قال : إن ما بين الركن و المقام لمشحون من قبور الأنبياء و إن آدم لقي حرم الله عز و جل .
و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : لما مات آدم (عليه السلام) و شمت به
إبليس و قابيل فاجتمعا في الأرض فجعل إبليس و قابيل المعازف و الملاهي
شماتة بآدم (عليه السلام) فما كان في الأرض من هذا الضرب الذي يتلذذ به
الناس فإنما هو ابن ذاك .
كتاب التهذيب سمعت مرسلا من الشيوخ و مذاكرة و لم يحضرني الآن إسناده : أن
آدم (عليه السلام) لما أهبطه الله من جنة المأوى إلى الأرض استوحش فسأل
الله تعالى أن يؤنسه
[59]
بشيء من أشجار الجنة فأنزل الله تعالى إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته
فلما حضرته الوفاة قال لولده إني كنت آنس بها في حياتي و أرجو الأنس بها
بعد وفاتي فإذا مت فخذوا منها جريدا و شقوه بنصفين و ضعوهما معي في أكفاني
ففعل ولده ذلك و فعلته الأنبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه
النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و فعله فصارت سنة متبعة .
و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى نوح
(عليه السلام) و هو في السفينة أن يطوف بالبيت أسبوعا فطاف أسبوعا ثم نزل
في الماء إلى ركبتيه فاستخرج تابوتا فيه عظام آدم (عليه السلام) فحمل
التابوت في جوف السفينة حتى طاف بالبيت ما شاء الله أن يطوف ثم ورد إلى باب
الكوفة في وسط مسجدها و تفرق الجمع الذي كان مع نوح (عليه السلام) في
السفينة فأخذ التابوت فدفنه في الغري .
و عنه (عليه السلام) : قال قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عاش آدم أبو البشر تسعمائة و ثلاثين سنة و في قول إن عمره ألف سنة .
و ذكر السيد ابن طاوس في سعد السعود من صحف إدريس (عليه السلام) مرض (عليه
السلام) عشرة أيام بالحمى و وفاته يوم الجمعة لأحد عشر يوما خلت من المحرم و
دفنه في غار جبل أبي قبيس و وجهه إلى الكعبة و أن عمره (عليه السلام) من
وقت نفخ الروح إلى وفاته ألف سنة و ثلاثين و أن حواء ما بقيت بعده إلا سنة
ثم مرضت خمسة عشر يوما ثم توفيت و دفنت إلى جنب آدم (عليه السلام) .
و هذا حاصل قصص آدم و حواء عليهما أفضل الصلوات .