سيف الكربلائي Admin
المساهمات : 244 تاريخ التسجيل : 09/11/2011
| موضوع: الفصل الثالث الخميس ديسمبر 15, 2011 3:17 pm | |
| النور المبين في قصص الأنبياء و المرسلين السيد نعمة الله الجزائري 6 الفصل الثالث في أن ذنبه كان ترك الأولى و كيفية قبول توبته و الكلمات التي تلقاها من ربه و كيفية نزوله من الجنة و حزنه عليها في كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين و خلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء و الطين و همة النساء الرجال . و في العلل و الأمالي مسندا إلى الحسن بن علي (عليه السلام) قال : [38] جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسألوه عن مسائل فقالوا أخبرنا عن الله لأي شيء وقت هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل و النهار فأجاب إلى أن قال و أما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها من الشجرة فأخرجه الله من الجنة فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة و اختارها لأمتي فهي من أحب الصلوات إلى الله عز و جل و أوصاني أن أحفظها من بين الصلوات و أما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم و كان بين ما أكل من الشجرة و بين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا و في أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء فصلى آدم ثلاث ركعات ركعة لخطيئته و ركعة لخطيئة حواء و ركعة لتوبته فافترض الله عز و جل هذه الثلاث ركعات على أمتي ثم قال فأخبرني لأي شيء توضأ هذه الجوارح الأربع و هي أنظف المواضع في الجسد و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أن وسوس الشيطان إلى آدم و دنا من الشجرة و نظر إليها ذهب ماء وجهه ثم قام و هو أول قدم مشت إلى الخطيئة ثم تناول بيده ثم مسها فأكل منها فطار الحلي و الحلل عن جسده ثم وضع يده على رأسه و بكى فلما تاب الله عليه فرض الله عليه و على ذريته الوضوء على الجوارح الأربع و أمره أن يغسل الوجه لما نظر إلى الشجرة و أمره أن يغسل الساعدين إلى المرفقين لما تناوله منها و أمره أن يمسح القدمين لما مشى إلى الخطيئة ثم قال أخبرني لأي شيء فرض الله الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما و فرض الله على آدم أكثر من ذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما أكل آدم من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما و فرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع و العطش و الذي يأكلونه تفضل من الله عز و جل عليهم و كذلك كان على آدم ففرض الله على أمتي ذلك ثم تلا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ . تفسير علي بن إبراهيم عن ابن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بينآدم (عليه السلام) فجمع فقال له موسى يا أبت أ لم يخلقك الله بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك ملائكته و أمرك أن لا تأكل من الشجرة فلم عصيته قال يا موسى بكم وجدت [حل على] قبل خلقي في التوراة قال بثلاثين سنة قال فهو نسلك قال الصادق (عليه السلام) فحج آدم موسى (عليه السلام) . أقول : وجد أن الخطيئة قبل الخلق أما في عالم الأرواح كما قيل بأن تكون روح موسى (عليه السلام) اطلعت على ذلك في اللوح أو المراد أنه وجد في التوراة أن تقدير خطيئة آدم (عليه السلام) كان قبل خلقه بثلاثين سنة و في الأخبار دلالة عليه و قوله فحج أي غلبه في الحجة .
[39] و هذا من فروع مسألة القضاء و القدر و راجع إلى العلم القديم و هي المعركة الكبرى بين علماء الإسلام و ضل به خلق كثير و طوائف لا تحصى فوردوا النار بهاتين المسألتين . و عنه (عليه السلام) : لما خرج آدم من الجنة نزل عليه جبرئيل (عليه السلام) فقال يا آدم أ ليس الله خلقك بيده و نفخ فيك من روحه و أسجد لك الملائكة و زوجك حواء أمته و أسكنك الجنة و أباحها لك و نهاك مشافهة أن لا تأكل من الشجرة فأكلت منها و عصيت الله فقال آدم (عليه السلام) إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح فما ظننت أن أحدا من خلق الله يحلف بالله كاذبا. معاني الأخبار و عيون الأخبار بإسناده إلى الهروي قال : قلت للرضا (عليه السلام) يا ابن رسول الله أخبرني عن الشجرة التي أكل منها آدم و حواء ما كانت فقد اختلف الناس فيها فمنهم من يروي أنها الحنطة و منهم من يروي أنها العنب و منهم من يروي أنها شجرة الحسد فقال كل ذلك حق قلت فما معنى هذه الوجوه على اختلافها فقال يا أبا الصلت إن شجرة الجنة تحمل أنواعا فكانت شجرة الحنطة و فيها عنب و ليست كشجرة الدنيا و إن آدم (عليه السلام) لما أكرمه الله تعالى ذكره بإسجاد ملائكته و بإدخاله الجنة قال في نفسه هل خلق الله بشرا أفضل مني فعلم الله عز و جل ما وقع في نفسه فناداه ارفع رأسك يا آدم فانظر إلى ساق عرشي فرفع آدم رأسه فنظر إلى ساق العرش فوجد عليه مكتوبا لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين و زوجته فاطمة سيدة نساء العالمين و الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة فقال آدم (عليه السلام) يا رب من هؤلاء فقال عز و جل من ذريتك و هم خير منك و من جميع خلقي و لولاهم ما خلقتك و لا خلقت الجنة و النار و لا السماء و الأرض فإياك أن تنظر إليهم بعين الحسد و تمنى منزلتهما فتسلط الشيطان عليه حتى أكل من الشجرة التي نهي عنها و تسلط على حواء لنظرها إلى فاطمة (عليها السلام) بعين الحسد حتى أكلت من الشجرة كما أكل منها آدم فأخرجهما الله عز و جل عن جنته و أهبطهما عن جواره إلى الأرض . أقول : اختلفوا في الشجرة التي ورد النهي عنها فقيل كانت السنبلة . و رووه عن ابن عباس و يدل عليه بعض الأخبار و قيل هي الكرمة و قيل شجرة الكافور . و قيل التينة و قيل شجرة العلم علم الخير و الشر و قيل هي شجرة الخلد التي كانت [40] تأكل منها الملائكة و الكل مروي في الأخبار و هذه الرواية تجمع بين الروايات و أكثر الأقوال و سيأتي ما هو أجمع للأقوال و الأخبار و المراد بالحسد هنا الغبطة التي تركها هو الأولى و قوله و تمنى منزلتهم دال عليه و حينئذ فمعنى شجرة الحسد الشجرة التي كان سبب الأكل منها الحسد . علل الشرائع بإسناده إلى الباقر (عليه السلام) قال : لو لا أن آدم أذنب ما أذنب مؤمن أبدا و لو لا أن الله عز و جل تاب على آدم ما تاب على مذنب أبدا. و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : لما أهبط الله آدم من الجنة ظهرت فيه شامة سوداء في وجهه من قرنه إلى قدمه فطال حزنه و بكاؤه على ما ظهر به فأتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال ما يبكيك يا آدم قال لهذه الشامة التي ظهرت بي قال قم فصل فهذا وقت الأولى فقام فصلى فانحطت الشامة إلى صدره فجاءه في الصلاة الثانية فقال يا آدم قم فصل فهذه وقت الصلاة الثانية فقام فصلى فانحطت الشامة إلى سرته فجاء في الصلاة الثالثة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الثالثة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى ركبتيه فجاءه في الصلاة الرابعة فقال يا آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الرابعة فقام فصلى فانحطت الشامة إلى رجليه فجاءه في الصلاة الخامسة فقال آدم قم فصل فهذا وقت الصلاة الخامسة فقام فصلى فخرج منها فحمد الله و أثنى عليه فقال جبرئيل (عليه السلام) يا آدم مثل ولدك في هذه الصلاة كمثلك في هذه الشامة من صلى من ولدك في كل يوم و ليلة خمس صلوات خرج من ذنوبه كما خرجت من هذه الشامة . و فيه أنه سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) لم صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال : من قبل السنبلة كان عليها ثلاث حبات فبادرت إليها حواء فأكلت منها حبة و أطعمت آدم حبتين فمن أجل ذلك ورث الذكر مثل حظ الأنثيين . و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) : كيف صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين قال لأن الحبات التي أكل منها آدم و حواء في الجنة كانت ثماني عشرة أكل آدم منها اثنتي عشرة حبة و أكلت حواء ستا فلذلك صار الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين. أقول : يجمع بين الخبرين بحمل ما تقدم على أول سنبلة أخذاها كذلك حتى صار ثماني عشرة أو المراد أنها كانت على شعبة فيها ثلاث حبات و كانت الشعبة ست . و عنه (عليه السلام) : في حديث طويل قال فيه إن آدم جاء من الهند و كان موضع قدميه حيث يطأ عليه العمران و ما بين القدم إلى القدم صحاري ليس فيها شيء ثم جاء إلى البيت فطاف الحديث .
[41] و في ذلك الكتاب عن ابن مسعود و سئل عن أيام البيض ما سببها قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول إن آدم لما عصى ربه عز و جل ناداه مناد من لدن العرش يا آدم اخرج من جواري فإنه لا يجاورني أحد عصاني فبكى و بكت الملائكة فبعث الله عز و جل إليه جبرئيل فأهبطه إلى الأرض مسودا فلما رأته الملائكة ضجت و بكت و انتحبت و قالت يا رب خلقا خلقته و نفخت فيه من روحك و أسجدت له ملائكتك فبذنب واحد حولت بياضه سوادا فنادى مناد من السماء صم لربك اليوم فصام فوافق يوم الثالث عشر من الشهر فذهب ثلث السواد ثم نودي يوم الرابع عشر أن صم لربك فصام فذهب ثلثا السواد ثم نودي في اليوم الخامس عشر بالصيام فصام و قد ذهب السواد كله فسميت أيام البيض التي رد الله فيها على آدم من بياضها ثم نادى مناد من السماء يا آدم هذه الثلاثة أيام جعلتها لك و لولدك من صامها في كل شهر فإنما صام الدهر ثم قال فأصبح آدم و له لحية سوداء كالحمم فصرف يده إليها فقال يا رب ما هذه فقال هذه اللحية زينتك بها أنت و ذكور ولدك إلى يوم القيامة . معاني الأخبار بإسناده إلى المفضل قال : قال أبو عبد الله (عليه السلام) إن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فجعل أعلاها و أشرفها أرواح محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) فعرضها على السماوات و الأرض و الجبال فغشيها نورهم فقال الله تبارك و تعالى للسماوات و الأرض و الجبال فهؤلاء حججي على خلقي لهم و لمن تولاهم خلقت جنتي و لمن خالفهم و عاداهم خلقت ناري فمن ادعى منزلتهم مني و محلهم من عظمتي عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين و من أقر بولايتهم و لم يدع منزلتهم مني جعلته معهم في روضات جناتي فولايتهم أمانة عند خلقي فأيكم يحملها و بأثقالها يدعيها لنفسه دون خبرتي فأبت السماوات و الأرض و الجبال أن يحملنها و أشفقن من ادعاء منزلتها و تمني محلها من عظمة ربها فلما أسكن الله عز و جل آدم و زوجته الجنة قال لهما كُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ يعني شجرة الحنطة فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ فنظرا إلى منزلة محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة من بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا يا ربنا لمن هذه المنزلة فقال الله جل جلاله ارفعا رأسيكما إلى ساق العرش فرفعا رأسيهما فوجدا اسم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة بعدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) مكتوبة من ساق العرش من نور الجبار جل جلاله فقالا يا ربنا ما أكرم هذه المنزلة عليك فقال لولاهم لما خلقتكما إياكما أن تنظرا إليهم بعين الحسد و تتمنيا منزلتهم عندي فتدخلا بذلك في نهيي و عصياني فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ قالا ربنا و من الظالمون قال المدعون لمنزلتهم بغير حق قالا ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما [42] رأينا منزلتهم في جنتك فأمر الله تبارك و تعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان العذاب فأوحى الله إليهما يا آدم و يا حواء لا تنظرا إلى أنوار حججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ وَ قاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ فحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة الحنطة فعاد مكان ما أكلا شعيرا فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه و أصل الشعير كله مما عاد مكان ما أكلاه فلما أكلا من الشجرة طار الحلي و الحلل عن أجسادهما و بقيا عريانين فناداهما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَ أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَ إِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَ تَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ قال اهبطا من جواري فلا يجاورني في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش فلما أراد الله عز و جل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل (عليه السلام) فقال لهما إنكما ظلمتما أنفسكما بتمني منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عز و جل إلى أرضه فاسألا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما فقالا اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الأئمة إلا تبت علينا و رحمتنا فتاب الله عليهما فلم تزل أنبياء الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة و يخبرون بها أوصياءهم و المخلصين من أممهم فيأبون حملها و يشفقون من ادعائها و حملها الإنسان الذي قد عرفت فأصل كل ظلم منه إلى يوم القيامة و ذلك قول الله عز و جل إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها وَ حَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا . أقول : لا يتوهم أن آدم (عليه السلام) صار يتمنى منزلتهم من الظالمين المدعين لمنزلتهم حتى يستحق بذلك أليم النكال فإن في عده من الظالمين هنا نوعا من التجوز لأنه تشبه بهم في التمني و مخالفة الأمر الندبي لا في ادعاء المنزلة و غصبها و القتل عليها و حمل الأمانة غير حفظها كما يدل عليه قوله فلم تزل أنبياء الله يحفظون هذه الأمانة إلى قوله فيأبون حملها فالمراد بحملها ادعاؤها بغير حق و غصبها و قال الزجاج كل من خان الأمانة فقد حملها و من لم يحمل الأمانة فقد أداها فآدم (عليه السلام) لم يكن من الحاملين للأمانة على ما ذهب إليه بعض المفسرين و فسروا الإنسان بآدم و قوله الذي قد عرفت هو الأول و هذا مشهور لا أصل له لأن الثاني . كما قال الصادق (عليه السلام) : سيئة من سيئات الأول . وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ . و عن ابن عباس قال : لما خلق الله تعالى آدم و نفخ فيه من روحه عطس فألهمه الله [43] الحمد لله رب العالمين فقال له ربه يرحمك ربك فلما أسجد له ملائكته تداخله العجب فقال يا رب خلقت خلقا أحب إليك مني فلم يجب ثم قال الثالثة فلم يجب ثم قال الله عز و جل له نعم لولاهم ما خلقتك فقال يا رب فأرينهم فأوحى الله عز و جل إلى ملائكة الحجب أن ارفعوا الحجب فلما رفعت إذا آدم بخمسة أشباح قدام العرش فقال يا رب من هؤلاء قال يا آدم هذا محمد نبي و هذا علي أمير المؤمنين ابن عم نبي و وصيه و هذه فاطمة ابنة نبي و هذان الحسن و الحسين ابنا علي و ولدا ابنة نبي ثم قال يا آدم هم ولدك ففرح بذلك فلما اقترف الخطيئة قال يا رب أسألك بمحمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين لما غفرت لي فغفر الله له بهذا فهذا الذي قال الله عز و جل فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ فلما هبط إلى الأرض صاغ خاتما فنقش عليه محمد رسول الله و علي أمير المؤمنين و يكنى آدم بأبي محمد (عليه السلام) . معاني الأخبار بإسناده إلى الصادق (عليه السلام) قال : لقد طاف آدم (عليه السلام) بالبيت مائة عام ما ينظر إلى وجه حواء و لقد بكى على الجنة حتى صار على خديه مثل النهرين العظيمين من الدموع و لقد قام على باب الكعبة ثيابه جلود الإبل و البقر فقال اللهم أقلني عثرتي و اغفر لي ذنبي و أعدني إلى الدار التي أخرجتني منها فقال الله عز و جل قد أقلتك عثرتك و غفرت لك ذنبك و سأعيدك إلى الدار التي أخرجتك منها. أقول : فيه دلالة على أن الجنة التي أخرج منها هي جنة الخلد لأنها التي سيعود إليها و كذلك الأخبار السابقة و ما بمعناها الدالة على أنه نظر إلى منزلة محمد و علي و إلى أنه رآهم مكتوبين على أركان العرش فإن العرش سقف لجنة الخلد كما جاء في الحديث أن الجنة فوق السماء و سقفها العرش و التأويل بالجمل على أنها جنة البرزخ التي تأوي أرواح المؤمنين بعيد لما عرفت و حينئذ فطريق الجمع ما مر من حمل الأخبار الدالة على أنها من بساتين الدنيا على التقية . و في ذلك الكتاب الحديث عن الصادق (عليه السلام) . و فيه أن الكلمات التي تلقاهاآدم (عليه السلام) فتاب عليه هي النبي و أهل بيته (عليه السلام) ثم قال المفضل فما يعني عز و جل بقوله فَأَتَمَّهُنَّ قال يعني أتمهن إلى القائم (عليه السلام) اثني عشر إماما تسعة من ولدالحسين (عليه السلام) . أقول ورد أن الكلمات هي قوله تعالى رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ... الآية . و ورد أيضا أنها قوله سبحانك اللهم و بحمدك و تبارك اسمك و تعالى جدك الدعاء . و ورد غيره أيضا .
[44] و الجمع بين الروايات الجمع بينها إلا أن الأصل هو ما روي عن السادة الأطهار (صلى الله عليه وآله وسلم) من أنها أسماؤهم . و في الحديث : أن آدم (عليه السلام) لما كثر ولده و ولده كانوا يتحدثون عنده و هو ساكت فقالوا يا أبة ما لك لا تتكلم فقال يا بني إن الله جل جلاله لما أخرجني من جواره عهد إلي و قال أقلل كلامك ترجع إلى جواري . قصص الراوندي بإسناده إلى أبي جعفر (عليه السلام) قال : ن آدم (عليه السلام) نزل بالهند فبنى الله تعالى له البيت فلما خطا من الهند فكان موضع قدميه حيث خطا عمران و ما بين القدم و القدم صحاري . أقول : المشهور في الأخبار عن السادة الأطهار (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نزولآدم (عليه السلام) كان على الصفا و نزول حواء على المروة و هذا الخبر و ما روي بمعناه يدل على أن نزولهما كان بالهند و حمله بعض أهل الحديث على التقية لأنه المشهور بين العامة أن آدم (عليه السلام) هبط على جبل في سرنديب يقال له نود و حواء هبطت في جدة مع أنه يمكن أن يقال إن هبوطهما على الصفا و المروة بعد دخولهما مكة من اهبطوا مصرا . العياشي عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله (عليه السلام) رفعه إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أن موسى (عليه السلام) سأل ربه أن يجمع بينه و بين آدم (عليه السلام) حيث عرج إلى السماء في أمر الصلاة ففعل فقال له موسى يا أبت أنت الذي خلقك الله بيده و أباح لك جنته ثم نهاك عن شجرة واحدة فلم تصبر عنها حتى أهبطت إلى الأرض بسببها فلم تستطع أن تضبط نفسك عنها حتى أغراك إبليس فأطعته فأنت الذي أخرجتنا من الجنة بمعصيتك فقال آدم (عليه السلام) ارفق بأبيك يا بني فيما لقي من أمر هذه الشجرة يا بني إن عدوي أتاني من وجه المكر و الخديعة فحلف لي بالله إنه في مشورته علي لمن الناصحين و ذلك أنه قال لي منتصحا إني لشأنك يا آدم لمغموم قلت و كيف قال قد كنت أنست بك و بقربك مني و أنت تخرج مما أنت فيه إلى ما أستكرهه فقلت له و ما الحيلة فقال إن الحيلة هو ذا معك أ فلا أدلك على شجرة الخلد و ملك لا يبلى فكلا منها أنت و زوجك فتصيرا معي في الجنة أبدا من الخالدين و حلف لي بالله كاذبا إنه لمن الناصحين و لم أظن يا موسى أن أحدا يحلف بالله كاذبا فوثقت بيمينه فهذا عذري فأخبرني يا بني هل تجد فيما أنزل الله أن خطيئتي كائنة من قبل أن أخلق قال له موسى بدهر طويل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فحج آدم موسى قال ذلك ثلاثا . أقول : أما أن تلك الشجرة شجرة الخلد فهو غير كاذب فيما قاله إلا أن من أكلها أفادته [45] الخلد في الجنة إذا كان الأكل مباحا منها يكون مأمورا به و إذا كان الأكل منهيا عنه يكون أثره المترتب عليه ما وقع على آدم من إخراجه من الجنة في ذلك اليوم و قوله بدهر طويل يرجع حاصله إلى أن الله سبحانه علم بذنب آدم و قدره موافقا للعلم القديم كما هو حال جميع مقدرات الله سبحانه و مقدراته . العياشي عن عبد الله بن سنان قال : سئل أبو عبد الله (عليه السلام) و أنا حاضر كم لبث آدم (عليه السلام) و زوجته في الجنة حتى أخرجهما منها فقال إن الله تبارك و تعالى نفخ في آدم روحه بعد زوال الشمس من يوم الجمعة ثم برأ زوجته من أسفل أضلاعه ثم أسجد له ملائكته و أسكنه جنته من يومه ذلك فو الله ما استقر فيها إلا ست ساعات في يومه ذلك حتى عصى الله فأخرجهما الله منها بعد غروب الشمس و ما باتا فيها و صيرا بفناء الجنة حتى أصبحا فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَ ناداهُما رَبُّهُما أَ لَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ فاستحى آدم من ربه و خضع و قال رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا و اعترفنا بذنوبنا فاغفر لنا قال الله لهما اهبطا من سماواتي إلى الأرض فإنه لا يجاورني في جنتي عاص و لا في سماواتي . و قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إن آدم لما أكل من الشجرة ذكر ما نهاه الله عنها فندم فذهب ليتنحى من الشجرة فأخذت الشجرة برأسه فجرته إليها و قالت له أ فلا كان فرارك قبل أن تأكل مني . و في هذا الحديث دلالة على أن تلك الجنة كانت في السماء و الظاهر أنها شجرة الخلد . و في تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ : شجرة العلم شجرة علم محمد و آل محمد آثرهم الله تعالى به على سائر خلقه فقال الله تعالى وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ شجرة العلم فإنها لمحمد و آله خاصة دون غيرهم لا يتناول منها بأمر الله إلا و هم منها ما كان يتناوله النبي و علي و فاطمة و الحسن و الحسين صلوات الله عليهم أجمعين بعد إطعامهم المسكين و اليتيم و الأسير حتى لم يحسوا بعد بجوع و لا عطش و لا تعب و لا نصب و هي شجرة تميزت من بين أشجار الجنة إن سائر أشجار الجنة كان كل نوع منها يحمل نوعا من الثمار المأكول و كانت هذه الشجرة و جنسها تحمل البر و العنب و التين و العناب و سائر أنواع الثمار و الفواكه و الأطعمة فلذلك اختلف الحاكون بذكر الشجرة فقال بعضهم هي برة و قال آخرون هي عنبة و قال آخرون هي عنابة و قال الله وَ لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ تلتمسان بذلك درجة محمد و آل محمد في فضلهم فإن الله عز و جل خصهم بهذه الدرجة دون غيرهم و هي الشجرة التي من تناول منها بإذن الله ألهم علم الأولين [46] و الآخرين من غير تعلم و من تناول بغير إذن الله خاب من مراده و عصى ربه فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ بمعصيتكما و التماسكما درجة قد أؤثر بها غيركما إذا رمتما بغير حكم الله قال الله تعالى فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها عن الجنة بوسوسته و غروره بأن بدأ بآدم فقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين إن تناولتما منها تعلمان الغيب و تقدران على ما يقدر عليه من خصه الله تعالى بالقدرة أو تكونا من الخالدين لا تموتان أبدا و كان إبليس بين لحيي الحية أدخلته الحية و كان آدم يظن أن الحية هي التي تخاطبه و لم يعلم أن إبليس قد اختبأ بين لحييها فرد آدم على الحية أيتها الحية هذا من غرور إبليس كيف أروم التوصل إلى ما منعني ربي و أتعاطاه بغير حكمه فلما أيس إبليس من قبول آدم عاد ثانية بين لحيي الحية فخاطب حواء من حيث يوهمها أن الحية هي التي تخاطبها و قال يا حواء أ رأيت هذه الشجرة التي كان الله حرمها عليكما قد أحلها لكما بعد تحريمها لما عرف من حسن طاعتكما له و ذلك أن الملائكة الموكلين بالشجرة التي معها الخراب يدفعون عنها سائر حيوانات الجنة لا يدفعونكما عنها إن رمتما فاعلما بذلك أنه قد أحل لكما و أبشري بأنك إن تناولتها قبل آدم كنت أنت المسلطة عليه الآمرة الناهية فوقه فقالت حواء سوف أجرب هذا فرامت الشجرة فأرادت الملائكة أن يدفعوها عنها بحرابها فأوحى الله إليها إنما تدفعون بحرابكم من لا عقل له يزجره و أما من جعلته متمكنا مميزا مختارا فكلوه إلى عقله الذي جعلته حجة عليه فإن أطاع استحق ثوابي و إن عصى و خالف أمري استحق عقابي فتركوها و لم يتعرضوا لها بعد ما هموا بمنعها بحرابهم فظنت أن الله نهاهم عن منعها لأنه قد أحلها بعد ما حرمها فقالت صدقت الحية و ظنت أن المخاطب بها هي الحية فتناولت منها و لم تنكر من نفسها شيئا فقالت لآدم (عليه السلام) أ لم تعلم أن الشجرة المحرمة علينا قد أبيحت لنا و تناولت منها و لم تمنعني ملائكتها و لم أنكر شيئا من حالي فلذلك اغترآدم (عليه السلام) و غلط فتناول فأصابهما ما قال الله تعالى في كتابه فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها بغرور فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ من النعيم وَ قُلْنَا يا آدم و يا حواء و يا أيتها الجنة و يا إبليس اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ و آدم و حواء و أولادهما أعداء للحية و إبليس و أولاده أعداؤكم وَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ للمعاش وَ مَتاعٌ إِلى حِينٍ لموت و كانت الحية من أحسن دواب الجنة و هبوطها كان من الجنة و هبوط إبليس من حواليها فإنه كان محرما عليه دخول الجنة الحديث . أقول : اختلف في كيفية وصول إبليس إلى آدم و حواء حتى وسوس إليهما و إبليس كان قد أخرج من الجنة حين أبى السجود و هما في الجنة .
[47] فقيل إن آدم كان يخرج إلى باب الجنة و إبليس لم يكن ممنوعا من الدنو منه فكان يكلمه و كان هذا قبل أن يهبط إلى الأرض و بعد أن أخرج من الجنة . و قيل : إنه كلمهما في الأرض بكلام عرفاه و فهماه منه . و قيل : إنه دخل في شدق الحية و خاطبهما من شدقها قال صاحب الكامل إن إبليس أراد دخول الجنة فمنعته الخزنة فأتى كل دابة من دواب الأرض و عرض نفسه عليها أن تحمله حتى يدخل الجنة ليكلم آدم و زوجته فكل الدواب أبى عليه ذلك حتى أتى الحية و قال لما أمنعك من ابن آدم فأنت في ذمتي إن أدخلتني فجعلته ما بين نابين من أنيابها ثم دخلت به و كانت رأسية على أربع قوائم من أحسن دابة خلقها الله كأنها بختية فأعراها الله تعالى و جعلها تمشي على بطنها انتهى . و قيل : راسلهما بالخطاب و ظاهر الآيات تدل على المشافهة و ورد أن السم الذي في أنياب الحية من مقعد الشيطان فيه أما لأنه أثر فيه السم أو لأن السم خلق هناك بسببه . أقول : أعظم شبهة المخطئة للأنبياء (عليهم السلام) قصة آدم (عليه السلام) حيث سماه عاص بقوله وَ عَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى . و أجاب عنه علم الهدى طاب ثراه : بأن العصيان مخالفة الأمر أعم من كونه واجبا أو ندبا و أطال في تحقيق المقام و كل هذا يرجع إلى قوله (عليه السلام) . حسنات الأبرار سيئات المقربين : و قد حققنا جملة القول في هذه المقالة الواردة في الأنبياء و الأئمة (عليهم السلام) في شرحنا على الصحيفة السجادية عند شرح دعاء الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) إذا استقال من ذنوبه . و عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : رن إبليس أربع رنات أولهن يوم لعن و حين أهبط إلى الأرض و حين بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على حين فترة من الرسل و حين أنزلت أم الكتاب و نخر نخرتين حين أكل يعني آدم من الشجرة و حين أهبط من الجنة. أقول : الرنة الصوت و الصياح و النخير الصوت من الأنف و الأول للحزن و الثاني للفرح. و عنه (عليه السلام) : البكاءون خمسة آدم و يعقوب و يوسف و فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و علي بن الحسين (عليه السلام) فأما آدم فبكى للجنة حتى صار في خديه مثل الأودية . و في حديث آخر : أنه بكى حتى خرج من إحدى عينيه من الدموع مثل ماء دجلة [48] و من الأخرى مثل ماء الفرات . و عنه (عليه السلام) : لما أهبط الله عز و جل آدم (عليه السلام) من الجنة أهبط معه مائة و عشرين قضيبا منها أربعون ما يؤكل منها داخلها و خارجها و أربعون منها ما يؤكل داخلها و يرمى خارجها و أربعون منها ما يؤكل خارجها و يرمى بداخلها و غرارة فيها بذر كل شيء و الغرارة الجوالق معرب جوال . علل الشرائع عن بكير بن أعين قال : قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) هل تدري ما كان الحجر قال قلت لا قال كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عند الله عز و جل فلما أخذ الله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به و أقر ذلك الملك فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق و أودعه عنده و استعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الإقرار بالعهد و الميثاق الذي أخذه الله عليهم ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكر الميثاق و يجدد عنده الإقرار كل سنة فلما عصىآدم (عليه السلام) و أخرج من الجنة أنساه الله العهد و الميثاق الذي أخذ الله عليه و على ولده لمحمد و وصيه و جعله باهتا حيران فلما تاب على آدم حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم و هو بأرض الهند فلما رآه أنس إليه و هو لا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة فأنطقه الله عز و جل فقال يا آدم أ تعرفني قال لا قال أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك و تحول إلى الصورة التي كان بها في الجنة مع آدم (عليه السلام) فقال لآدم أين العهد و الميثاق فوثب إليه آدم و ذكر الميثاق و بكى و خضع له و قبله و جدد الإقرار بالعهد و الميثاق ثم حول الله عز و جل جوهر الحجر درة بيضاء صافية تضيء فحمله آدم على عاتقه إجلالا له و تعظيما فكان إذا أعيا عليه حمله عنه جبرئيل (عليه السلام) حتى وافى به مكة فما زال يأنس به بمكة و يجدد له الإقرار كل يوم و ليلة ثم إن الله عز و جل لما أهبط جبرائيل (عليه السلام) إلى أرضه و بنى الكعبة هبطا إلى ذلك المكان بين الركن و الباب و في ذلك الموضع تراءيا لآدم حين أخذ الميثاق و في ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق فلتلك العلة وضع في ذلك الركن و نحي آدم من مكان البيت إلى الصفا و حواء إلى المروة و جعل الحجر في الركن فكبر الله و هلله و مجده فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا . و فيه عنه (عليه السلام) : : قال أهبط آدم (عليه السلام) من الجنة إلى الصفا و حواء إلى المروة و قد كانت امتشطت في الجنة فلما صارت في الأرض قالت ما أرجو من المشط و أنا مسخوط علي فحلت مشطها فانتشر من مشطها العطر الذي كانت امتشطت به في الجنة فطارت به الريح فألقت أثره في الهند فلذلك صار العطر بالهند . و في حديث آخر : أنها حلت عقيصتها فأرسل الله عز و جل على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحا فهبت به في المشرق و المغرب .
[49] و فيه عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) سئل مما خلق الله عز و جل الكلب قال خلقه من بزاق إبليس قال و كيف ذلك يا رسول الله قال لما أهبط الله عز و جل آدم و حواء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فغدا إبليس الملعون إلى السباع و كانوا قبل آدم في الأرض فقال لهم إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراءون أعظم منهما تعالوا فكلوهما فتعاوت السباع معه و جعل إبليس يحثهم و يصيح بهم و يعدهم بقرب المسافة فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز و جل من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر و الآخر أنثى فقاما حول آدم و حواء الكلبة بجدة و الكلب بالهند فلم يتركا السباع أن يقربوهما و من ذلك اليوم صار الكلب عدو السبع و السبع عدو الكلب . و فيه عن أبي جعفر عن آبائه (عليهم السلام) قال : إن الله عز و جل أوحى إلى جبرئيل (عليه السلام) أني قد رحمت آدم و حواء فاهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة فاضرب الخيمة مكان البيت و قواعدها التي رفعها الملائكة قبل آدم فهبط بالخيمة على مقدار أركان البيت فنصبها و أنزل آدم من الصفا و حواء من المروة و جمع بينهما في الخيمة و كان عمود الخيمة قضيبا من ياقوت أحمر فأضاء نوره جبال مكة فامتد ضوء العمود و هو موضع الحرم اليوم فجعله الله حرما لحرمة الخيمة و العمود لأنهما من الجنة و مدت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ما حول المسجد الحرام و أوحى الله عز و جل إلى جبرئيل أن اهبط إلى الخيمة بسبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الشياطين و يؤنسون آدم و يطوفون حول الخيمة فكانوا يطوفون حولها و يحرسونها ثم إن الله تبارك و تعالى أوحى إلى جبرئيل (عليه السلام) بعد ذلك أن اهبط إلى آدم و حواء فنحهما عن موضع القواعد و ارفع قواعد بيتي لملائكتي و خلقي من ولد آدم فهبط عليهما و أخرجهما من الخيمة و نحاهما عن البيت و نحى الخيمة عن موضع البيت و قال يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله إلى الأرض سألوا الله عز و جل أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على موضع الترعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور فأوحى الله تبارك و تعالى إلى أن أنحيك و أرفع الخيمة فرفع قواعد البيت بحجر من الصفا و حجر من المروة و حجر من طور سيناء و حجر من جبل السلام و هو ظهر الكعبة فأوحى الله عز و جل إلى جبرئيل (عليه السلام) أن ابنه و أتمه فاقتلع جبرئيل (عليه السلام) الأحجار الأربعة من موضعها بجناحه فوضعها حيث أمره الله تعالى في أركان البيت على قواعده و نصب أعلامها ثم أوحى إلى جبرئيل أن ابنه و أتمه من حجارة أبي قبيس و اجعل له بابين بابا شرقا [50] و بابا غربا فأتمه جبرئيل (عليه السلام) فلما فرغ طافت الملائكة حوله فلما نظر آدم و حواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا سبعة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان . و فيه عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن آدم (عليه السلام) لما أهبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل الله تبارك و تعالى عليه قضيبين من عنب فغرسهما فلما أورقا و أثمرا و بلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطا فقال له آدم ما لك يا ملعون فقال إبليس إنهما لي فقال كذبت فرضيا بينهما بروح القدس فلما انتهيا إليه قص عليه آدم (عليه السلام) قصته فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شيء إلا احترق و ظن إبليس مثل ذلك قال فدخلت النار حيث دخلت و قد ذهب منهما ثلثاهما و بقي الثلث فقال الروح أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله و ما بقي فلك يا آدم . العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ما بكى أحد بكاء ثلاثة آدم و يوسف و داود فقلت ما بلغ بكاؤهم فقال أما آدم (عليه السلام) فبكى حين أخرج من الجنة و كان رأسه في باب من أبواب السماء فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته فأما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه و كان ليزفر الزفرة فيحرق ما ينبت من دموعه و أما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب و هو في السجن فتأذى أهل السجن فصالحهم على أن يبكي يوما و يسكت يوما . علل الشرائع و عيون الأخبار عن صفوان بن يحيى قال : سئل أبو الحسن (عليه السلام) عن الحرم و أعلامه فقال إن آدم (عليه السلام) لما أهبط من الجنة هبط على أبي قبيس و الناس يقولون بالهند فشكا إلى ربه عز و جل الوحشة و أنه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة فأهبط الله عز و جل عليه ياقوتة حمراء فوضعت في موضع البيت فكان يطوف بها آدم (عليه السلام) و كان يبلغ ضوؤها الأعلام فعلمت الأعلام على ضوئها فجعله الله عز و جل حرما . أقول : فيه دلالة على ما قدمنا سابقا من الأخبار الواردة بنزوله (عليه السلام) بالهند محمول على التقية . و أما الجمع بين هذين الخبرين من نزول الياقوتة و ما تقدم من نزول الخيمة فقد ورد في بعض الروايات أن تلك الخيمة كانت ياقوتة . و قيل : في وجه الجمع بنزولهما متعاقبين أو متقاربين .
[51] الكافي بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم طفق يخصف عليه من ورق الجنة و طار عنه لباسه الذي كان عليه من حلل الجنة فالتقط ورقة فستر بها عورته فلما هبط عبقت أي لصقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت فصار في الأرض من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنة فمن هناك الطيب بالهند لأن الورقة هبت عليها ريح الجنوب فأدت رائحتها إلى المغرب لأنها احتملت رائحة الورقة في الجو فلما ركدت الريح بالهند عبق بأشجارهم و نبتهم فكان أول بهيمة أرتعت من تلك الورقة ظبي المسك فمن هناك صار المسك في سرة الظبي لأنه جرى رائحة النبت في جسده و في دمه حتى اجتمعت في سرة الظبي . و فيه عنه (عليه السلام) : قال إن الله تبارك و تعالى لما أهبط آدم (عليه السلام) أمره بالحرث و الزرع و طرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل و العنب و الزيتون و الرمان و غرسها لتكون لعقبه و ذريته فأكل هو من ثمارها فقال إبليس لعنه الله يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الأرض و قد كنت بها قبلك ائذن لي آكل منها شيئا فأبى أن يطعمه فجاء إلى حواء فقال لحواء إنه قد أجهدني الجوع و العطش فقالت له حواء (عليه السلام) إن آدم عهد أن لا أطعمك من هذا الغرس لأنه من الجنة و لا ينبغي لك أن تأكل منه فقال لها فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه فقال ذريني أمصه و لا آكله فأخذت عنقودا من العنب فأعطته فمصه و لم يأكل منه شيئا لما كانت حواء قد أكدت عليه فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه فأوحى الله عز و جل إلى آدم (عليه السلام) أن العنب قد مصه عدوي و عدوك إبليس لعنه الله و قد حرمت عليك من عصيره الخمر ما خالطه نفس إبليس فحرمت الخمر لأن عدو الله إبليس مكر بحواء حتى مص من العنبة و لو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها و جميع ثمارها و ما يخرج منها ثم إنه قال لحواء (عليها السلام) فلو أمصصتيني من هذا التمر كما أمصصتيني من العنب فأعطته ثمرة فمصها و كانت العنبة و التمر أشد رائحة و أذكى من المسك الأذفر و أحلى من العسل فلما مصهما عدو الله ذهبت رائحتهما و انتقصت حلاوتهما ثم إن إبليس الملعون ذهب بعد وفاة آدم (عليه السلام) فبال في أصل الكرمة و النخلة فجرى الماء في عروقهما ببول عدو الله فمن ثم يختمر التمر و العنب أي يتغير ريحهما و يصير منتنا فحرم الله عز و جل على ذرية آدم كل مسكر لأي الماء جرى ببول عدو الله في النخل و العنب و صار كل مختمر خمرا لأن الماء اختمر في النخلة و الكرمة من رائحة بول عدو الله إبليس لعنه الله . و عنه (عليه السلام) : قال العجوة أم التمر و هي التي أنزلها الله تعالى لآدم من الجنة .
[52] و عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال كانت نخلة مريم (عليها السلام) العجوة نزلت في كانون و نزل مع آدم (عليه السلام) العتيق و العجوة و منها تفرق أنواع النخيل. | |
|